كلما ضاقت مساحة المعارضة حتى داخل مخ البني آدم ..تراجع إبداعه وفقد القدرة على الابتكار ...لهذا أنا لا أكتب عن الظواهر السلبية التي تحدث ما بين الحين والأخر ..هذه الظواهر تحتاج إلى عقل به مساحة تخزين ..تعطي إشارة لبقية أجزاء المخ لترجمتها ..وكارت الميموري هذا مفقود عندي ..والصراحة هو غير مفقود ..ولكني قمت بانتزاعه طواعية .. خوفاً من حزب الطبل والزمر الذين يجلسون على الكنبة ..متفرغين لكل من يقول كلمة تعارض هواهم ..سواءً كانت صح ام خطأ ..فإذا قُلت ان زوجتي نكدية جاءوا لي بمليون بحث يؤكد أن الروسيات والبريطانيات وحتى ملكات الدلع اللبنانيات نكديات ..وإذا قُلت أنني غير راضٍ عن مدرسة أولادي.. جاءوا بألف مدرسة من كل مكان يؤكدون أن مدارسنا بألف خير.. وإذا قُلت انه كان بإمكان هيئة المجتمعات العمرانية أن تضع مصافِ للسيول بالشوارع وتفتحها على البلاعات..مش بعيدة تطلع انت اللي قفلت البلاعات وغرقت الشوارع.. ومش بعيد برضو تطلع انت اللي فتحت الحنفيات ومكنش فيه مطر ولا حاجة.. دا حتى لو قُلت ان الحمير أختفت.. لأن الجزارين بيقوموا بذبحها وبيعها في متاجرهم..وفيه ألف شاهد على كلامك.. جاءوا بأرجل ورؤس الحمير والجحوش من كل مكان والقوا بها في وجهك.. مؤكدين أننا الشعب الوحيد الذي يأكل لحوم صالحة للإستخدام الآدمي.. وهذه الحمير مذبوحة في المانيا أو في كوريا ..مش كده وبس.. حاول تجيب سيرة واحد شاطر قدام وزيره أو مديره ويكون غضبان عليه.. يانهار اسود.. تطلع فيك كل العِبر.
وهذا شيئ يجعلك طيلة الوقت تتحول من صاحب رأي ومبدع يحاول أن يوجه للعمل على الإصلاح.. إلى متهم يحاول أن يدافع عن نفسه أمام مطبلاتية متطوعين للهجوم عليك وعلى كل من هم أمثالك ..هؤلاء المطبلاتية كلهم بفضل الله كانوا حزب وطني وإخوان ويساريين وتجمعيين ووفديين وملكيين ..على كل لون يا معلم ..وعشان يقولوا أننا وطنيون ارتدوا لباس الوطنية وخلعوه عن كل واحد بيحاول يقول كلمة حق ..وطني يطلعوه ناصري ..يساري يطلعوه يميني ..سيساوي يطلعوه إخوان.. مسيحي ممكن يطلع إخوان برضو..ما هو فيه جماعة اسمها جماعة الإخوان المسيحية ..عشان كده فقدان الذاكرة شيئ رائع ..شيئ يجعلك تعيش في سلام وآمان ..وبينما يغرق بيتك جراء السيول ..ترى أن هذه السيول والأمطار غيث من السماء جاء ليغسل همومك وذنوبك ويُعيدك كيوم ولدتك أمك ...وليكن شعارنا " الجسم السليم في العقل الخرفان" و"عيش مجنون تموت مستور".
