في عام 2005 كتب أنيس منصور مقالاً بعنوان: ما الذي ينقصنا نحن المصريون؟وما هو الشيء الذي لا نجده في كل فكرة؟ وما الذي يمنع الفكرة الجميلة من أن تعيش طويلاً ويجيء من يضيف إليها فكرة أخرى أو تعديلات أخرى ويستمر كل شيء نحو ما هو أفضل.
ما الذي يجعل الواحد منا يقف في وجه الرأى الجديد والاجتهاد الجديد؟ كم مشروعاً صفقنا له..وكان التصفيق نوعاً من تشجيعه على الموت حيا.
وما من جلسة إلا وتدور فيها أشكال وألوان من هذه الأسئلة وتنتهى الجلسة عادة بعبارة واحدة وهى كفن لكل فكر وكل عمل.. نحن المصريون هكذا..ولكن ما معنى هكذا؟
معناها أننا عاطفيون.. حتى هذه الكلمة ليست دقيقة ولكن معناها أننا نتحمس بسرعة وتخمد الحماسة بسرعة..أو بعبارة دقيقة.. نارنا قش..والقش يشتعل بسرعة وينطفئ بنفس السرعة ويعود كل شيء إلى ما كان عليه قبل ذلك.
لكن لماذا أيضاً؟ هذا هو السؤال الجوهرى في كل مناقشة لنا..أو كل نقد أو تجريح ذاتى ونحن ميالون إلى التجريح أكثر من ميلنا إلى النقد، لأن النقد مناقشة هادئة.. والتجريح مناقشة دامية..ونحن ميالون إلى الدم في الكلام..فلماذا كل هذا؟
لأننا ينقصنا الاستمرار..والاستمرار معناه القدرة على الصبر على تحقيق فكرة بشرط أن نكون قد آمنا بالفكرة واقتنعنا بها..وعندنا استعداد آخر على التضحية من أجلها...وهذا الاستعداد لا يجيء إلا من صفة أخرى وهى الصدق.. وهناك صفة أخرى كريهة وهى أننا أنانيون بمعنى أن كل واحد يقول "أنا وليس بعدى أو أمامى أو ورائى أحد".
وهذا خطأ فكرى مذهبى عملى.. أن أحدا لا يستطيع وحده أن يحقق شيئا فلا بد من الآخرين لكى ننجح معاً.. ولا يهم من الذي ننسب إليه هذا العمل..ونحن نحتاج إلى تربية طويلة..أساس هذه التربية النموذج السليم والقدوة الحسنة على كل المستويات..ويكون الصدق هدفاً وأسلوباً في الفكر وفى الحياة.
لكن هكذا نحن المصريون..إذا تناقشنا اختلفنا..وإذا اختلفنا تقاتلنا..وإذا تقاتلنا قُبرنا..وإذا قُبرنا ضاع كل شىئ..ولهذا نحن ضائعون تائهون غير منجزون معلقون كل مصائبنا على شماعات جاهزة..وما أكثر هذه الشماعات.