للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص..في ذكرى أم كلثوم"كيف أنسى ذكرياتي وهي أحلام حياتي"

كلمتين ونص..في ذكرى أم كلثوم"كيف أنسى ذكرياتي وهي أحلام حياتي"

الكاتب : عثمان علام |

04:11 am 03/02/2018

| رئيس التحرير

| 2085


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

في الذكرى الثانية والأربعون لوفاة كوكب الشرق أم كلثوم، لابد وأن نتذكر قصة حب الشاعر الغنائي أحمد رامي، والتي كانت بمثابة كنز نهلت منه أم كلثوم طيلة عمرها الفني ..فقد أحبها وانكوى بحبها وهام عشقاً فيها، بيد أنها لم ترى فيه سوى الشاعر الذي يكتب أحسن الكلمات.

غنت أم كلثوم لرامي الكثير من القصائد.. ولو أن كل حبيب لو قال مثلما كان يقول رامي في قصائده التي غنتها محبوبته: «آه» في وقت واحد، لهبطت الأرض بكل ما عليها. 

وأحمد رامي، أحد الذين أحبوا وهاموا وعَشِقوا، وقال «آه» وألف «آه»، فانهارت معه كل العقول والقلوب، إلا قلب واحد، إنه قلب السيدة «أم كلثوم».

لقد أحبها وتحدث عنها طوال حياته، كأنها بين ذراعيه لا تفارقه، يكتب لها أجمل الأغاني والأشعار من أعماق روحه، أما هي فقد كانت في عالم آخر، عالم الشهرة والمجد، كأنه يكتب كلاماً في الهواء، بلا معنى ولا قيمة . 

لقد كان حب «رامي» لأم كلثوم حباً عذرياً وعاش حالة عاطفية بعيدة عن أي مفهوم مادي أو جنسي..وقال مرة: «إنني أحب أم كلثوم كما أحب الهرم، لم ألمسه ولم أصعد إليه، لكني أشعر بعظمته وشموخه، وكذلك هي.

كتب رامي مائة وسبعة وثلاثون أغنية، لـ أم كلثوم، ولم يتقاضى مليماً واحداً، فقالت له: «أنت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك!، فقال لها: «نعم، أنا مجنون بُحبِك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعتِ أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التي تغنّى بها؟». ظنته يمزح فردت قائلة: « سمعنى آخر حاجة، كانت تحبه حب المصلحة، فهو «شاعر لا يباريه أحد في كلماته» كما قال عنه الرئيس أنور السادات، رقة وعذوبة لا مثيل لها.

واعترفت «أم كلثوم» وقالت: «أحب في رامي الشاعر وليس الرجل»، وجرحه ذلك، فكتب لها أغنية تقول: «عزة جمالك فين..من غير ذليل يهواك»، فهو ذاق من ماء كل الشعراء؛ أي ذاق دمع العين وسهر الليالي والشوق والحنين. فقال لها في إحدى أغانيه:.. صعبان على اللى قاسيته فى الحب من طول الهجران 

ما اعرفش ايه اللى جنيته من بعد ما رضيت بالحرمان».

ولما اشتد الخلافُ بينهما في مرة، قالت له بين العاملين: «يا ريتني ما عرفتك يا شيخ»، فحزن، ثم غضب، فأنفجر يهجوها:

من أنتِ حتى تستبيحي كرامتي

فأهين فيك كرامتي ودموعي 

وأبيتُ حرّان الجوانح صادياً

أصلى بنار الوجد بين ضلوعي.

وليس في ذلك عجب، فالذي يتأمل كل ما كتبه رامي لـ«أم كلثوم»، يجده في الوصال يكتب أعذب الأشعار الموحية، فيكتب «حيرت قلبي معاك» وحأفضل أحبك من غير ما أقولك وإيه اللي حير أفكاري ولحد قلبك ما يوم يدلك..

على هوايا المداري.

وفي الهجران يكتب أروع ما تنتجه قريحته، فيقول «يا ظالمني»: وأطاوع في هواك قلبي وأنسى الكل علشانك ،وأذوق المر في حبي بكاس صدك وهجرانك ويزداد الجوى بيّا..يبان الدمع في عنيا ،وأبات أبكي على حالي وتفرّح فيّا عُذالي ،ولما أشكي تخاصمني وتغضب لما أقول لك يوم يا ظالمني.

كانت تعرف كل اليقين أنه يحبها، ولما أحبت وتزوجت أم كلثوم، ازداد شقاؤه وتعاسته، وكانت ترى في ذلك لذة، وهذه طبيعة الأنثى، تحب أن تكون مرغوبة، والإذلال في الحب قمة السعادة لها، فطلبت منه أن يضع أغنية تقول: «شايف الدنيا حلوة لأنك فيها» للرجل الذي أحبته ثم تزوجته فيما بعد، وهو الدكتور حسن حفناوي، طبيبها الخاص، فاستشاط «رامي» وقال: «أنا شايف الدنيا سودة، أشجارها بتلطم، وأرضها بتبكي» ورفض أن يُنّظم القصيدة المطلوبة، وخاصمته أم كلثوم، وأصرّ«رامي» ألا يجعل الدنيا تضحك وقلبه يبكي!. 

ولما يئس «رامي» ووجد أن الزمن فات منه، وأن الارتباط بأم كلثوم مستحيل، تزوج إحدى قريباته، وأبقى على شعلة حبه، يستوحي منها كل أغانيه الجميلة، فكتب يقول:

أصون كرامتى من قبل حبي

فإن النفس عندى فوق قلبي

رضيت هوانها فيما تقاسي

وما إذلالها فى الحب دأبي.

وكانت زوجته تعلم أنه يحب «أم كلثوم»، وأعترف لها بذلك قائلا: «أنا أحبها، وليس ذنبي»، وتأقلمت زوجته مع هذا الحال، ومع صورة «كوكب الشرق» التي وضعها «رامي» في بيته!. ولما كانوا يقولون لها: «إن زوجك يحب أم كلثوم»، كانت ترد قائلة: «وأنا أيضا أحبها». 

وعندما توفت أم كلثوم في 1975، دخل«أحمد رامي» في حالة إكتئاب شديدة، وكتب أجمل الكلمات وأعذبها في رثائها، ثم بعدها كسر القلم وهجر الشعر.

لكن عندما طلبه الرئيس السادات في حفل تأبينها عام 1976، قال أجمل الكلمات في رثائها:- ما جال في خاطري أنّي سأرثـيها بعد الذي صُغتُ من أشجى أغانيها ،قد كنتُ أسـمعها تشدو فتُطربني واليومَ أسـمعني أبكي وأبـكيهــا..صحبتُها من ضحى عمري أدُف شهد المعاني ثم أهديها ،سلافة من جنى فكري وعاطفتي ،تديرها حول أرواح تناجيها، وبي من الشَّجْوِ من تغريد ملهمتي ،ما قد نسيتُ بهِ الدنيا ومـا فـيها..يـا دُرّةَ الفـنِّ.. يـا أبـهى لآلئـهِ ،سبـحان ربّي بديعِ الكونِ باريها، مهـما أراد بياني أنْ يُصـوّرها ،لا يسـتطيع لـها وصفاً وتشبيها ،وما ظننْـتُ وأحلامي تُسامرنـي ،أنّي سأسـهر في ذكرى ليـاليها.

وفي هذا المشهد الذي وقف فيه أحمد رامي يرثي بكل حرارة المشاعر، حبيبة عمره، كان في الحقيقة يرثي نفسه وحاله، فبكى الجميع له وعليه، وليس على رحيل السيدة أم كلثوم.

كيف أنسى ذكرياتي وهي أحلام حياتي، إنها صورة أيامي على مرآة ذاتي..عشت فيها بيقيني وهي قرب ووصال...ثم عاشت في ظنوني وهي وهم وخيال...ثم تبقى لي على مر السنين وهي لي ماض من العمر وآت».

رحم الله كوكب الشرق، ورحم الله الشاعر المتيم بحبها أحمد رامي، وما أجمل الذكريات مع عظماء الصوت والكلمة والالحان.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟