ظن الناس في قطاع البترول أن استقالة المهندس طارق الحديدي من رئاسة هيئة البترول ستحدث صدى يزلزل الأركان، وتموج منه البحار وتتفجر منه الانهار، وتنهار الجبال، وتبتلع الأرض من عليها غضباً من الطبيعة على ترك الحديدي منصبه..وقال البعض أن ذلك ربما سيكون درساً لصناع القرار ليتركوا لنا هامش من الحرية نتحرك فيه..خوفاً منهم أن نتحول جميعاً لطارق الحديدي..ونكون عائلة حديدية جداً..لكن ذهب الحديدي مؤمناً بقضاء الله وقدره و بموقفه الذي يُحسد عليه، وهو موقف شجاع اتُخذ وسط متطلبات حياتية وبيوت تنفق وأبناء يحتاجون الى كل مليم.."والحمد لله الراجل مستور"..والحقيقة فقد ذهب الحديدي ولم يذهب..بينما بقيوا هم يندبون حظهم وما بقيوا..فالتاريخ لن يعرف لهم طريقا..بل يعرف طريق من قرر ونفذ..وليكن محمد شعيب منهجاً في ذلك .
مقدمة استهلالية لمقال قصير..مضمونة كلمات قليلات..أولها أن القيادات في القطاع يشكون من تجاهلم ونزع صلاحياتهم واختصاصاتهم ودسمهم، ويقولون انه لولا غلو الاسعار وارتفاع المعيشة لتركنا القطاع هرباً من المذلة..وهذا كلام في مكنون صدورهم وبين مكاتبهم..وفي جلسات المحبين..فلا تبرح هذه الكلمات أفواههم الا اليهم.
وانا أقول: وما هي تلك المذلة والمهانة التي تشكون منها؟- هل هي في سحب قرارات التعيين والنقل والندب والاعارة منكم؟،-ام هي في تقييد حرياتكم في السفر والرحلات والحصول على السيارات؟،-..ام هي في نزع حجوزات الفنادق والكافيهات والملاهي والفيلات؟،- قولوا لنا ما هي تلك المذلة التي تعانون منها..وقولوا لنا من الذي نزع صلاحياتكم؟،- فكل يوم أرى كثيرون منكم يفعلون كل ماسبق دون ان يشعر أحد بنزع هذه الاختصاصات..وإذا كان بالفعل هناك شيئ تحت الستار ولا نعرفه فابعثوا به، ليكون رسالة نكتبها ونوصلها للمسئولين لمناقشتها..فقد يكون صانع القرار لا يعلم ب"القمصة" اللي انتوا فيها، وعندما يعرف يفك اسركم جميعاً..أو يكون عالم بكل شيئ، وهنا لا معنى للعتاب..لأن عنترة العبثي قال:
أعاتب دهراً لا يلين لعاتب...واطلب أمناً من صروف النوائب.
