أشد مايؤلم الإنسان أن تحرمه من لقمة العيش ،وقد آلمني جداً قيام رئيس شركة إنبي محمد حتحوت بحجب أكثر من %90 من دخل رئيس النقابة أيمن الشريعي، كما حجب عن غيره ونقلهم إلى مواقع لا تتناسب وأعمالهم، فهم غير مرضي عنهم من لدن إمام السعيد وحتى حتحوت،ولو أفترضنا جدلاً أن هؤلاء في حاجة ماسة إلى هذا الدخل ،أو أن احدهم أو ابنه أو زوجته أو أمه يعالج ،فماذا سيكون حالهم الآن ،أنت تنكل بهم في كل شيئ ،لكن أن يصل الأمر إلى لقمة العيش فهذا أمر مرفوض ،وإذا كان وزير البترول المهندس طارق الملا يرضى بذلك فالأمر خطير ،لكني أعلم أنه لايمكن أن يرضى بذلك أبداً، وإذا وقفت ياسيد حتحوت بين يدي الخالق فسيحاسبك على ذلك ،وهل ما فعلته عامداً متعمداً أم عن حق ،ووالله لا أظنك على حق.
وفى يوم من الايام تقدم الزبرقان بن بدر التيمى وكان يعمل فى بيت المال منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشكوى لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب ان الحطيئة هجانى ، فقال له امير المؤمنين ماذا قال لك . قال الزبرقان قال فى هذا البيت:
دعِ المكارمَ لا ترحلْ لبغيتها** واقعـدْ فإنّك أنـت الطاعمُ الكاسي
فقال له أمير المؤمنين هذا عتاب وليس بهجاء ،واصر الزبرقان على ان البيت هجاء وليس عتاب . وفى هذا استدعى امير المؤمنين حسان بن ثابت فسأله فيما تقول فى نوع هذا البيت . قال له حسان ان هذا البيت هجاء . فأمر امير المؤمين بحبس الحطيئة.
فلما كان للحطيئة صغار يعولهم ظل يستعطف امير المؤمنين ليخرج من الحبس وذلك بأن يرسل اليه ابيات من الشعر ابيات تلو الابيات ولكن أمير المؤمنين لم يأبه به إلى أن وصل لأمير المؤمنين بيت شعره الحطيئة وهو:
ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخٍ زغبُ الحواصلِ لا ماءٌ ولا شجرُ ؟
غادرْتَ كاسبَهم في قعر مُظلمة
فارحم هداك مليكُ الناس يا عمرُ
أنت الإمامُ الذي من بعد صاحبه
ألقى إليك مقاليدَ النُّهي البشرُ
لم يؤثروك بها إذ قدّموك لها
لكن لأنفسهم كانت بك الأثرُ
فأمنن على صبيةٍ بالرَّمْلِ مسكنُهم
بين الأباطح يغشاهم بها القدرُ
نفسي فداؤك كم بيني وبينَهُمُ
من عَرْضِ واديةٍ يعمى بها الخبرُ.
وهكذا حال اطفال من منعت عنهم الحافز ياحتحوت ،لكن لا أنت عمر ولاهم الحطيئة ،لكنهم مظاليم هذا الزمان.
