كلما رأيت أم ثكلى أو أب مصاب في أعز ما يملك، أتذكر على الفور فيلم "لا تبكي ياحبيب العمر"، ذلك الفيلم الذي أبكاني ولا يزال يبكيني كلما عرض على التلفاز رغم مرور أكثر من 37 عاماً على تجسيده، إنها دموع من لهب أن تسيل على خدك حزناً على ولد.
لم تكن بساطة فريد شوقي وبراءة نور الشريف وأنوثة ميرفت أمين، إلا بوابة لتوطين مشاهد الحزن في نفوس الجماهير، وهي نفس البوابة التي أدخلت الأحداث في أذهان الناس ليعيشوا معها ويتذكروها كما حل بهم أو شاهدوا حدثاً يشابه أحداث الفيلم وليس العكس، فقمة الإبداع أن يجعلك الممثل تعيش الحالة وكأنك الأب رغم صغر سنك، ذلك الأب الذي جُرح لحظة أن مات حبيبه، ولحظة أن وجد خطيبته ترتدي فستان الزفاف لتكون لغير فلذة كبده الذي كان يعد العدة لهذه الليلة، والحزن الأكبر أن ترى وتعيش حالة الأب وهو ينهار بعد أن فقد كل شيئ، بما في ذلك فقدانه لعقله.
فريد شوقي في هذا الفيلم أبكى الرئيس الراحل أنور السادات، وقد جاءت الفكرة من خلال لقاء جمع موقف قديم بين الفنان الراحل فريد شوقي، والمخرج أحمد يحيى مؤلف فيلم “لا تبكي يا حبيب العمر”، والذي كان سببًا في بكاء فريد شوقي وزوجته سهير ترك.
أحمد يحيى كشف عن ذلك، وقال: إنه قام بزيارة الفنان فريد شوقي في منزله وقام بسرد قصة الفيلم عليه وعلى زوجته السيدة سهير ترك، وتسببت القصة في بكائهما...وأضاف: “عندما قمت منصرفًا جري ورائي شوقي وفوجئت به يضع في يدي مبلغ كبير وقال لي: أعتبره عربون لهذه القصة فأنا أريد أن أقوم ببطولة هذا العمل، فقد تأكد لفريد شوقي بخبرته بأنه سيكون فيلم عمره، وفعلاً هذا ما حدث ،فبعد لقاءات ومناقشات وجلسات عمل أنتهينا من الفيلم وتم عرضه في دور السينما ونجح نجاحاً مدوياً لدرجة أنه أبكي العالم العربي كله، حتى إن باعة المناديل الورقية في الشارع كانوا يحتشدون على أبواب دور العرض، وكانوا يقولون لرواد السينما إن من يدخل الفيلم لابد أن يشتري مناديلاً لأنه سيبكي كثيرا.
وي يحي ذكر أن الرئيس الراحل أنور السادات، كان قد صرح في إحدى خطبه الرسمية أنه قد شاهد الفيلم في عرض خاص بمنزله وأنه بكى يومها كما لم يبك من قبل حتى إنه قال لفريد شوقي عندما التقى به في أحد الاحتفالات الفنية: “أبكيتني يا فريد بس الفيلم حلو قوي قوي”.
فيلم “لا تبكي يا حبيب العمر”، فيلم تم إنتاجه عام 1979، وهو من بطولة فريد شوقي و نور الشريف و ميرفت أمين، و رجاء الجداوي وعبدالوارث عسر و أحمد الجزيري، هذا الفيلم أعتبره غسلاً للعين عندما تشاهده، فأنت تبكي وكأنك لم تبكي من قبل.
