للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...ياثورة في دمائي كيف يبلغها‏..‏للصم أبكم مثلي عنده النبأ.

كلمتين ونص...ياثورة في دمائي كيف يبلغها‏..‏للصم أبكم مثلي عنده النبأ.

الكاتب : عثمان علام |

07:29 pm 25/10/2017

| رئيس التحرير

| 1641


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

ياثورة في دمائي كيف يبلغها‏..‏للصم أبكم مثلي عنده النبأ.

عندي طفولة إنسان براءته‏..‏وعالم من لهيب الزيف مختبئ.

عندي عذابات كون تائه تعس‏..‏ما عاد فيه سوي الأوهام ملتجأ.

عندي الكثير لكم ويحي وهل أحد‏..‏يصغي إلي أبكم يهذي ويهترئ.

هذه بعض أبيات من قصيدة بعنوان" حديث الأبكم للأصم" للشاعر علي الباز، فقد أصابني الإحباط، حيث أكتب ولا أحد يسمع، وإن سمعوا لا يتكلمون، وإن تكلموا لا يقولون صوابا، وعندما شاهدني صديق في حالتي تلك، أهداني هذه القصيدة، ووجدت أن هذه أبيات صالحة لرثاء حالي وحال كثيرون تعبوا من كثرة الصياح، وما أكثرهم في قطاع البترول، هم يأنون لا للحصول على ميزة أو منصب، بل ليشعر بوجودهم من يجلسون على الكراسي، فكم تعبوا وأفنوا حياتهم لخدمة هذا القطاع، وما يريدون إلا إستكمال المسيرة، لكنهم وجدوا أنفسهم خارج الملعب بعد أن أحرزوا الكثير من الأهداف.

ويقول فاروق شوشه عن هذه القصيدة، أن الشاعر علي الباز حاول في قصيدته أن يبشر برسالته إلي جماعة من الصم‏، فلا هو قادر علي تبليغ رسالته ولا هم قادرون علي وعي ما يقول، فكأنه ينفخ في قربة مقطوعة‏، إذ لا حياة لمن تنادي‏:‏

ويصف شوشه الشاعر علي الباز بأنه صوت شعري متميز بين أصوات شعراء الاسكندرية وإن لم يكن سكندري الاصل والنشأة ـ جنت عليه الاكاديمية ودراسته للقانون حصولاً علي الدكتوراه واشتغالاً بالتعليم العالي في الكويت سنوات طويلة متصلة‏، أبعدته عن بيئته الطبيعية الثقافية والأدبية في الاسكندرية‏، ولم تنجح في غرسه من جديد منتمياً إلي بيئة ثقافية وأدبية مغايرة‏، وظل علي الباز‏:‏ الانسان‏ والشاعر يحلق في البلاد مابين مصر والكويت.

وظل ضابط الشرطة أستاذ القانون اللواء الدكتور الشاعر علي الباز ينثر ذوب قلبه عبر هذه الرحلة المتكررة‏، لايقيم هنا ولاينغرس هناك‏، تتخطفه عذابات اغترابه عن روحه وذاته‏، وتؤرقة تذكاراته وانتماءاته القديمة الشاهدة علي التكوين الغض وسنوات الدهشة والتفتح والتوقف أمام لغة العيون ونوازع القلوب‏.‏

وفي كل أعماله الشعرية التي بدأ ظهورها عام‏1968‏ بديوانه الأول عيون بنات القاهرة واستمرت من خلال حبيباتي عام‏1975‏ ثم دقات قلب عام‏1979‏ فديوانه الرابع عندما يبحر القلب عام‏1981‏ فالخامس مسافر في العيون عام‏1985‏ فديوانه السادس أعطيتك العمر عام‏1990‏ فديوانيه أمطريني حبا و استقالة شاعر الصادرين في عام ‏2008‏ ـ

في كل هذه الاعمال الشعرية ظل علي الباز وفياً لتخوم شعره الاولي التي رصدها عميد نقاد الاسكندرية الراحل الدكتور محمد زكي العشماوي في دراسته عن شعر علي الباز عندما أشار إلي صياغة الشعر التي بالرغم من بساطتها ورقة كلماتها تمزج في تركيبها وايقاعاتها بين لغة التراث في رصانتها وعذوبة الشاعر وبساطة عبارته ورقتها‏,‏ كما أشار الدكتور العشماوي إلي ظاهرة واضحة في شعر علي الباز وهي ظاهرة الغربة التي شاعت في الشعر الحديث وبصفة خاصة في شعر الرومانسيين والوجوديين لكنها في شعر علي الباز غربة نفسية‏,‏ تري ان في أعماق كل جمال يرقد شيء انساني فهذه الاشجار الجميلة والروابي‏‏ وعذوبة السماء قد تفقد في لحظة واحدة‏,‏ المعني الوهمي الذي نلبسه اياها‏,‏ وتصبح ـ فجأة ـ أبعد من جنة ضائعة حين تظهر لنا الحقائق المختفية وراء الظاهر المزيف‏,‏ إنها غربة الاحباط وخيبة الامل والشعور بالهوة الساحقة بين الواقع المرير وما يحمله من مظاهر وحشية وآمال الشاعر وطموحاته‏,‏ فهي اذن نتيجة لاصطدام الشاعر ببشاعة الوجود وسآمة الواقع وتململه وافتقاده لعالم الطفولة والطهر‏.‏

وينفتح شعر علي الباز في دواوينه ـ وبخاصة في ديوانيه الاخيرين امطريني حباً واستقالة شاعر علي مدي عريض وشاسع من الإيحاء باللفظ والصورة والقدرة علي إبداع الرمز في رحلة دائبة للاكتشاف والارتياد والمغامرة من أجل سبر أغوار الأشياء ومحاولة الوصول إلي الحقائق البعيدة والمحجوبة‏,‏ كما ينفتح شعره علي فضاء واسع تحلق فيه عناصر رؤيته ورؤياه معا‏,‏ وقد امتزجتا وتكاملتا في نسيج شعري محكم‏,‏ ولغة بديعة شديدة الرقة والصفاء والعذوبة‏.‏

يقول في واحدة من قصائده التي التفت اليها الدكتور العشماوي وخصها باهتمامه وهي قصيدته لاتظلموا قلبي‏.‏

ظلموك ياقلبي فكل قصيدة أشدو بها قالوا‏:‏ من الحسناء‏/‏ من ألهمته؟ فإن سكت تهامسوا وإذا نفيت تغامز الرفقاء‏/‏ وإذا ذكرت العين قيل عيونها سود وقال البعض بل خضراء‏/‏ لاتظلموا قلبي فما كل الهوي أنثي وما كل الغرام نساء‏!‏

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟