في عام 1994 أستمعت لأول مرة لأغنية" في يوم من الأيام"، التي غناها عبدالحليم حافظ، وكتب كلماتها مأمون الشناوي ولحنها كمال الطويل،أستمعت إليها عبر موجات إذاعة البرنامج العام، وكانت السنة الأولى لي في الجامعة، فبحثت عن الأغنية وكان وقتها الكاسيت هو ملك الأسواق، فلم يكن هناك CD قد أنتشر ولا أي وسيلة من الوسائل الموجودة الآن لحفظ وتسجيل الأغاني، وحصلت على شريط الكاسيت المسجل عليه الأغنية من إحدى منافذ شركة صوت القاهرة تلك الشركة الذي ظلت لسنوات منارة الفن في مصر، فقد كانت ولا تزال تطرح أغاني كل العمالقة، وأعترف أن هذه كانت المرة الأولى التي أشتري فيها أغنية لعبدالحليم، فكل ما كنت أسمعه إما عبر الراديو أو عبر أغاني الأفلام في التليفزيون، أما السواد الأعظم للأغاني التي كانت موجودة في بيتنا فكانت للشيخ ياسين التهامي بلبل الصعيد الذي ينشد لإبن الفارض وكل شعراء الصوفية.
ومنذ أن أشتريت هذه الأغنية وأنا أناجي بها محبوبي أينما وجد وفي كل زمان ومكان، وكيف لا وهي التي شكلت وجداني العاطفي وأنا بكر الفؤاد، وظللت أعيش حالة الهيام بهذه الأغنية حتى مللت منها، لضعف الأمل في الإيقاع بالمحبوب والذي كان حبي له من طرف واحد، فبدأت أسمع لكاظم الساهر" أنا وليلى" و"فاتت جنبنا" لعبدالحليم، وعشقت ميادة الحناوي ورددت معها" مش عوايدك..الحب إللي كان..أنا بعشقك..نعمة النسيان"،- ولم يكن لي أي إرتباط بغيرهما، بل كنت أعتبر عبدالوهاب وأم كلثوم وفايزة ومحرم من المطربين الذين يغنون لكبار السن دون أن يلمسوا الحب الحقيقي لدى الشباب، وكلما وجدت من يسمعهما كنت لا أستسيغ الجلوس معه، وهذا عكس الوقت الحاضر، فأنا أسمع وأتذوق لكل هؤلاء.
وبعد هذا التاريخ بأكثر من عشر سنوات قابلت الشاعر محمد حمزة رحمه الله، وهو الذي كتب أكثر من 30 أغنية للعندليب، وقلت له كم أحب أغنية "في يوم من الأيام" ياريتك كنت كتبتها يا أستاذ؟،- وقال لي لقد سبقني إليها مأمون الشناوي، فهي تجربة شخصية وقصة حب عاشها عبدالحليم بنفسه فخرجت أحاسيسه مع الكلمات التي سطرها مأمون ولحنها الطويل.
وبعد مرور مايقرب من 24 عاماً على ذكرى هذه الأغنية لازلت أتذكرها وأتذوقها وأرددها وأحس حلاوتها، أُعيد بها ذكريات مضت، وأعيش بها حاضر أعيش فيه، وأتأمل فيها مستقبلٍ آت.
وقد أخترت لكم من هذه الأغنية بعض الكلمات، والتي ربما تعيد لكم ذكرى كانت، فتساعدكم على مسايرة آلام الحاضر، وتجعلكم تستشرفون المستقبل بكل أمل: