للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...تدعيم القيم الروحية أولى من أي شيئ .

كلمتين ونص...تدعيم القيم الروحية أولى من أي شيئ .

الكاتب : عثمان علام |

04:30 am 22/10/2017

| رئيس التحرير

| 1412


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

منذ يومين كانت بعض الفضائيات تعرض فيلم الناصر صلاح الدين، وحاولت مع أولادي أن يشاهدوا الفيلم، فأحداثه شيقة، وظننت أنها تستهوي الأطفال كما كانت تستهويني في زمانٍ مضى، وللأسف خاب ظني، وروحت أستطلع رأي شباب في العشرين حول هذا الفيلم وحول أشياء كثيرة من ضمنها أسماء لمطربين ك"فايزة ووردة ونجاة ورشدي ومحرم فؤاد"،وللأسف وجدتهم لا يعرفون لا عن صلاح الدين ولا عن غيره شيئ، والمثقف فيهم لا يعرف سوى عمرو دياب.

ولعل هذا ما فسر لي سبب دفاع من هم فوق الأربعين عن صلاح الدين ضد هجمة يوسف زيدان، وغياب من هم تحت هذا السن، فالكل تم تجهيله عن أشياء كثيرة نحن أحوج ما نكون إليها حتى لا يعرفون عن تاريخهم شيئ، فأين قصة رفاعى الطهطاوي ومحمد علي، وأين حتى التاريخ الفرعوني من مدارسنا؟.

و في عام 1963 كتب يوسف السباعي قصة فيلم"الناصر صلاح الدين"، وأخرجه يوسف شاهين، وعالج القصة محمد عبد الجواد و نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوى، وقام بالبطولة عدد من الفنانين كان أبرزهم أحمد مظهر وحمدي غيث ومحمود المليجي وعمر الحريري وأخرون.

وتبرز أهمية هذا العمل بالنسبة لي ليس في البطولات التي حققها صلاح الدين الكردي الأصل في حروبه وخلاصه لبيت المقدس من يد الغزاة، لكنها تبرز في تلك القيم العسكرية والإنسانية التي دعمها العبقري يوسف السباعي في العمل، وقد تكون هذه القيم مستمدة من منهج النبي في الحروب ووصاياه للجنود، بأن لا تقتلوا طفلاً ولا إمرأة ولا رجل مسن، لتؤكد أحداث الفيلم على عدم الخيانة وعدم المعاملة بالمثل، حتى عندما قتلت جيوش الصليبيين أسرى المسلمين من جنود صلاح الدين رفض أن يقتل أسراهم، وعندما طلب منه إبنه أن يُغير عليهم وهم في الهدنة مؤكداً لوالده السلطان أن الحرب خدعة، رفض قائلاً له: يابني إنهم ليسوا قدوةً لنا، في إشارة إلى أن أهل الرذيلة لايجب أن يكونوا قدوةً لأهل الفضيلة.

قيم كثيرة كان يركز عليها الفن في زمانٍ مضى، لم يعد لها وجود الآن في عالم أفلام السبكي والمقاولات وأديك في الحارة شكارة.

إن بناء المجتمعات الحديثة لن يبدأ من المدرسة بقدر ما يبدأ من المنارات الفنية، كالسينما والمسرح والأعمال التليفزيونية والندوات التثقيفية، وأن مايستطيع أن يصنعه عمل فني واحد لا تستطيع أن تصنعه ألف مدرسة وجامعة، وقد كان لكتابات المثقفين مفعول السحر في المجتمع، وتبنت شرائح إجتماعية كثيرة أفكار وأراء يوسف السباعي وأنيس منصور وأحمد بهاء الدين، ووجهات نظر كل المثقفين الذين ساهموا في تشكيل وجدان المجتمع ثقافياً وتربوياً وسياسياً وفنياً وإقتصادياً.

وفي وقتٍ مضى حفظ الناس القرأن على موجات إذاعة القرأن الكريم، وحفظوا عواصم الدول ومعالمها من إذاعة صوت العرب، وكانت شبكة البرنامج العام منارة تثقيفية وترفيهية وتعليمية، ليس هذا فحسب، بل وكانت المدرسة منبراً لتلقين العلم تحت رعاية الدولة، ولم يكن للمدارس والجامعات الخاصة وجود في المجتمع، بل كانت الدولة هي التي تتبنى فكرة إرسال البعثات إلى الخارج لنقل وتبادل الحضارات الإنسانية.

كل هذا لم يعد موجوداً، لذا تفشى الكذب والخداع والنفاق، وظهر الجهل وغابت المعرفة، ولم يعد في المجتمع أي قيمة نتمسك بها، وشاهدوا وتابعوا صفحات التواصل الإجتماعي، فقد أصبح معظمها مرحاض يتبول فيه كل شخص ثقافة مختلفة، ثقافة لا تعبر عن مجتمع عريق في دولة عريقة حضارتها سبعة آلاف سنة.

تدعيم الفن الراقي أصبح ضرورة، وأكتشاف المواهب الثقافية وتصعيدها ضرورة أيضاً، وإزاحة كل من يخرب في ثقافتنا ضروري أيضاً، ولن ننهض إلا بعودة أدوات المجتمع كما كانت من قبل، وكفانا تمسكاً بعادات وتقاليد وقيم وأعراف هدمت المجتمع وخلعته من جذوره.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟