للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...ولو حكينا يا حبيبي نبتدي منين الحكاية !!

كلمتين ونص...ولو حكينا يا حبيبي نبتدي منين الحكاية !!

الكاتب : عثمان علام |

05:11 am 07/10/2017

| رئيس التحرير

| 1852


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

قبل أكثر من ٢٧ عاما سألني مدرس الأدب"العبقري الراحل سيد عمار"، عن معنى "قدك المياس" وهي جملة مقتبسة من أغنية عبدالحليم حافظ "مداح القمر" التي كتبها الشاعر الراحل خالد الذكر محمد حمزة، وأجبت بأن القد هو القامة أو القوام، لكني لم أكن أعرف معنى كلمة "مياس"، فلست ب"نزار قباني" ولا "أنيس منصور" ولا من جهابذة اللغة العربية، ولا حتى من المحبين العاشقين الولهين المثقفين في ذلك الوقت حتى أعرف معنى الكلمة، ولم يكن عمري قد تجاوز ال١٧ عاماً في هذا الوقت...وعرّفَ المدرس معنى الكلمة وذكر مترادفات لها، غير إني ظللت أذكر الموقف ولا أذكر المعنى.

وبعد مرور أكثر من ١٠ سنوات، وبعد أن بدأت أغوص في عالم الصحافة، جمعتني صداقة وطيدة بالشاعر الغنائي الوطني والعاطفي والرومانسي محمد حمزة رحمه الله، وكنت في هذا الوقت اترأس قسم الفن بجريدة الميدان، وهي أول مطبوعة صحفية مستقلة صدرت في مصر، وكان يرأس تحريرها الراحل سعيد عبدالخالق، وهو رئيس التحرير الثالث في عمر الصحفية.

وكان الأستاذ محمد حمزة يكتب مقال بعنوان" ضي القمر" وكنت أنا أتابعه وأهتم بنشره في مكان مميز وبمساحة تليق مع الكاتب، وما أن تخرج الصحيفة للنور حتى أبادر متلككاً في الإتصال بالأستاذ والتقيه لأسمع منه ذكرياته مع حليم وليس مع فنان أخر، لحبي وعشقي للعندليب، فقد حفظت معظم أغانيه وأنا صغير  دون أن أعرف من الذي كتب ومن الذي لحن ومن الذي وزع، أنا أسمع فقط.

وقصصت على الأستاذ محمد حمزة الموقف الذي تعرضت له من مدرس الأدب، فضحك، لكنه تدارك تعبيرات وجهي المتغيرة بسرعة بقوله: متزعلش ياسيدي ما إنت كنت صغير هتعرف منين، أصل الكلام صعب وفيه ناس كبار ميعرفوش معناه، بس معناه جميل، ضحكت وحاولت أن أتقرب للأستاذ حمزة أكثر وأكثر، وقلت من الممكن أن يتبناني الرجل فيغدق عليَّ بخبراته الشعرية والفنية، لكني وجدت صعوبة خاصة والرجل مشغول مابين الشعر والمسرح والكتابة في الصحف، غير أني حاولت التعلق بتلابيب محمد حمزة لأكتب مثله، وللأسف أعيتني الحيلة، فلا خبرة ولا سنين ولا ثقافة ولا لغة، وظللت أسمع عبدالحليم وأقرأ أشعار محمد حمزة، وأبحث عن معانيها، وأعيش ذكرياتي مع "حاول تفتكرني" و"مداح القمر" و"فاتت جنبنا"، إلى أن تعكر المزاج ولم يعد بإمكاني إلا سماع صوت أنين القلوب وجراح الناس دون أن أقدم لهم ولو كلمتين من أشعار محمد حمزة، فقط أني أحن مابين الحين والأخر لسماع كلماته التي دفع ثمنها من آلام قلبه وعافيته حتى مات.

ولا أعتقد أن الأجيال التي يبلغ عمرها الآن عشرون أو ثلاثون عاماً تعرف من هو محمد حمزة، فالشعراء تغيروا بتغير الزمن، وبات لكل زمان شعراءه، وما أظن محمد حمزه لو كان موجوداً الآن لاستطاع أن ينافس شعراء " أديك في الجركن تركن" أو "أبص لروحي فجأة"، فمثل هؤلاء لا يسايرهم إلا فاقد الحس والذوق، وما أكثرهم الآن.

وقد توفى محمد حمزة في عام ٢٠١٠، وكان قد بدأ حياته كمحرر صحفي في بداية ستينات القرن الماضي بمجلة «روز اليوسف»، وكانت بداية رحلته مع الشعر الغنائي بأغنية «اؤمر يا قمر» للراحلة فايزة أحمد، ثم توالت أعماله مع كبار المطربين فقدم مع عبد الحليم حافظ عشرات الروائع منها، «موعود»، و«نبتدي منين الحكاية»،و «أي دمعة حزن لا»، و«حاول تفتكرني»، و «سواح»، و«زي الهوا»، و«مداح القمر»،و «جانا الهوى».

وقدم حمزة أغاني حققت شهرة واسعة لمطربين آخرين منها «حكايتي مع الزمان»، و«بلاش تفارق»، و«مالي» للفنانة وردة الجزائرية، وكتب للفنانة شادية «يا حبيبتي يا مصر» وهي الأغنية التي تحولت لتميمة ضد الزمن يرددها المصريون في مناسباتهم الوطنية، كما كتب لشادية أيضا «خلاص مسافر»، وغنت له نجاة «الطير المسافر» و«ليلة من ليالي»، أما محمد رشدي فغنى له «طاير يا هوا»، و«على الرملة»، وكتب لفايزة أحمد «أحلى طريق في دنيتي».

ومن أعماله الأخرى «بهية» للفنان محمد العزبي، و«سامحتك» لأصالة، كما كتب لسميرة سعيد وعبد اللطيف التلباني وغيرهما.

وكتب حمزة للسينما، وقدم أغاني للمسرحيات كما واصل ممارسة هوايته القديمة في الكتابة الصحفية حتى مرضه الأخير، ومن بين الصحف التي كتب لها «الوفد» و«الأهرام الرياضي» و«روز اليوسف» والميدان ومجلة الإذاعة والتليفزيون.

وكون محمد حمزة مع عبد الحليم حافظ وبليغ حمدي ثلاثياً غنائياً شكل ملامح عصر كامل بداية من منتصف ستينات القرن الماضي، انتقل فيه الغناء إلى آفاق رحبة.

وتغلب على أعمال حمزة الصبغة الرومانسية الواضحة، ردد عشاقها مع العندليب مقاطع حفرت في ذاكرتهم ولم تقفز لبئر النسيان أبداً، فهو مبدع «اتقابلنا والحياة قدام عينينا حلوة..إتقابلنا والكلام فوق الشفايف غنوة»، وشدا العندليب له «عاشق ليالي الصبر مداح القمر.. عشق العيون السمر غواني السهر».

كما حكا حمزة قصته بعذوبة على لسان العندليب في أغنية «لو حكينا يا حبيبي نبتدي منين الحكاية.. ده احنا قصة حبنا ليها أكتر من بداية»، وكانت بداية تعامله مع العندليب الأسمر أغنية «سواح» التي كتبها من أجل أن يغنيها مطرب شعبي، لكن حليم أعجب بها للغاية، ووجدها فرصة لطرق عوالم أخرى سبقه إليها مطرب آخر هو محمد رشدي، ليقتطع جزءاً من كعكة النجاح الشعبي، ونجحت الأغنية، وأمتد التعاون بين حليم وحمزة حتى نهاية حياة حليم، وكان حليم يكرر إعجابه مراراً بالكلمات التي كتبها حمزة لمسلسل«قاهر الظلام»، خاصة المقطع الذي يقول:«يا مركبي سيري في طريقك ولا تخافي الرياح.. لو فيه ظلام في الوجود قلبي أنا ملاح».

هذا قليل من كثير عن رحلة الشاعر محمد حمزة...أما معنى كلمة مياس، فهو المائل المختال المتبختر، ومحدش يسألني عن معنى المتبختر.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟