مئات بل آلاف الشواهد الكونية والربانية تؤكد أن الصالحين ليسوا هم المسلمون فقط، بل هناك يهوداً ومسيحيين وعبدة للشيطان وللبقر وللنساء وبلا رب صالحون أيضاً، هم يعملون بتعاليم الإسلام وروحه دون أن يعتنقوه، وإنما جاء صلاحهم لما يقدمونه من خدمات تفيد البشرية وتبعث السعادة في نفوس الخلق.
والقرآن كثيراً ما يؤكد ويدلل على أن الاقوال غير الأفعال، وأنه حتى القول الصواب لابد له من فعل طيب يبرهن عليه ، فليس بالأقوال وحدها يا أرباب الفتاوى يحيا الانسان، ولكن بالافعال يحيا ويعيش.
وقد دلل قوله تعالى" أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ"، على أن الصلاح لا علاقة له بالمسلمين فقط، والدليل أن كل البلدان التي نطلق عليها أهل الكفر والمجون والإلحاد تتقدم بسرعة الصاروخ، بل إن العلم الذي لا يأتيه الله الا لمن أحب، تركز عند من لا يدينون بالإسلام" ..إنها لقمة في بطن جائع أفضل من بناء الف جامع".
وهكذا وجدنا الدكتور مجدي يعقوب يداوي مرضى القلوب، وانجلينا جولي تتبرع للفقراء في امريكا وأنتوني كوين يجسد حياة أعظم مجاهد في التاريخ عمر المختار، ومارك مؤسس الفيس بوك وبيل جيتس، وصبري عبدالرؤف يجيز معاشرة البهائم وسعاد صالح تجيز معاشرة الزوجة وهي ميتة، وأمثلة كثيرة لأشخاص ليسوا بمسلمين أفادوا البشرية، ومسلمون أضروا بالبشرية .
وهذا ليس نقصاً ولا تنقيصاً ولا نقيصة في الدين الاسلامي بقدر ماهو نقص في عقلية معتنقيه.
فقد حرفوا الكلم عن مواضعه ونسوا الهدف الذي جاءت من أجله الرسالة، وتناسوا المبادئ التي ظل النبي محمد يدعو اليها دون أن تشغله الصغائر.
لم ينشغل غيرنا بفتاوى كمعاشرة الزوجة وهي ميتة، أو معاشرة البهائم أو دخول الحمام بالقدم اليسرى أو اليمنى، أو من أين تبدأ عورة المرأة، وهل مصافحتها تبطل الوضوء أم لا، أنشغلنا بمثل هذه الاشياء مع أننا نقترف ذنوباً أعظم من هذا كله إن كانت هذه ذنوب، حتى وصل بنا الحال إلى إهمال كل شيئ والتشدق بما يرد الينا من الخارج، نسينا ماضينا وحاضرنا وفقدنا مستقبلنا، ولم يعد لنا سوى الإنتظار حتى تتوفى زوجاتنا فنعاشرهن إن كان في الصحة باق.
