في يوم واحد، يوم واحد فقط غيب الموت الشاب أحمد، نجل المهندس محمد مؤنس، لم يمضي شهور على تخرجه من كلية الهندسة، زرع أكتمل حصاده، ولما حانت الفرصة لوالديه أن يجنو مازرعوا، أختاره الرفيق الأعلى ليكون إلى جواره...وما أحسنه من جوار.
وفي ذات اليوم غيب الموت المهندس ضياء قاسم نائب رئيس الهيئة للإنتاج، كان الرجل حاضراً في الصلاة على أحمد مؤنس، وسارع لتشييع الجنازة، وما ان مضت سويعات قليلة حتى جاء الخبر" مات ضياء قاسم"...هل ترون فاجعةً أكبر من ذلك؟- يجالسك ويضحك معك، وتغمض عينيك لتفتحهما على خبر وفاته.
والموت حق، ورسول الله مات، ومات كل الملوك والعظماء، لكنه ألم الفراق الذي يعتصر قلوب الناس، ورسول الله مات كل أبناءه في حياته ماعدا فاطمة التي لحقت به بعد ستة أشهر، وأعتصر قلبه على فراق إبنه ابراهيم، الذي مات ولم يتجاوز عمره سبعة عشر شهرا، لكنه صبر وأحتسبه عند الله.
رسائل يبعثها الله لنا لعلنا نتعظ، فمن لم يكن له الموت واعظ فلا تنفعه المواعظ، وهكذا حالنا جميعاً، في كل يوم لنا ميت نودعه. وصدق من قال:
النفسُ تبكي على الدنيا وقد علمت أن السعادة فيها ترك ما فيها.
لا دارٌ للمرءِ بعد الموت يسكُنها إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها.
فإن بناها بخير طاب مسكنُه وإن بناها بشر خاب بانيها.