تضخمت ثروة رأفت رستم وزير الصدفة في فيلم "معالي الوزير"،-وبدلاً من أن يقسم على العمل من أجل المصلحة العليا للبلاد أقسم على العمل لمصلحته الشخصية، وتضخمت ثروته ظناً منه أن السعادة في المال...طاردته الكوابيس، مرة مقبوض عليه ومحبوس، وأخرى زوجته وابنته يقتلانه، وثالثة وهو ميت ولا يجد من يمشي خلف جنازته...وحتى يهرب من هذه الكوابيس المزعجة لجأ للنوم في المساجد وفي أقسام الشرطة، كان يبحث على النوم في كل مكان، حتى بين أحضان العاهرات...كل ذلك لأنه ظن أن السعادة في المال فانحرف وانحرفت معه سعادته.
وإذا أكرمك الله بالرضا، فليس ضرورياً أن تحصل على 120 ألف جنيه شهرياً حتى تحقق السعادة لنفسك، وليس ضرورياً أن تعقد مجلس إدارة لزيادة أساسي راتبك، وليس ضرورياً أن تكون رأفت رستم...فمن الممكن أن تجلس على شاطئ النيل وتتناول حبة ترمس وتكون سعيد، ومن الممكن أن تذهب ليوم واحد لشواطئ رأس البر أو جمسة أو الإسكندرية وتكون سعيد، ومن الممكن أن تشاهد رحلات اليوم الواحد من القاهرة لفايد ومن دمنهور للإسكندرية والناس محمولون في سيارات نصف نقل وهم يضحكون ويمرحون وكأنهم ملكوا الدنيا بكل ما فيها، ومن الممكن أن تسكن في غرفة وصالة وتكون سعيد، ومن الممكن أن تلبس أرخص الثياب وتنظفها وتهندمها وتكون الأكثر سعادة، ومن الممكن أن تستخدم وسائل النقل الجماعي في تحركاتك وتكون سعيد، ومن الممكن أن تتناول طعامك على عربية فول ويكون مذاقها الأحلى، ومن الممكن أن تخرج في نزهة وتجلس وسط الخضرة في أي حديقة عامة وتكون سلطان زمانك، وقد تكون بدول عيال وتكون سعيد.
السعادة حولنا في كل شيئ، لكننا نبحث دائماً عن الشيئ الذي به نفقدها، فليس المال ولا الصراع من أجل جمعه هو من يجلبها، بل كلما زاد مالك كلما تعاظمت همومك، وكلما تعاظمت الهموم فقد الإنسان لذة كل شيئ، وليس التعيس من فقد المال، ولكن الأتعس من يملك المال وحده!!