عشرات السنين وأنا لم أرى الشمس في حياتى، فقد كنت أنام في الحادية عشر والنصف مساءً لأستيقظ في الرابعة فجراً، أقرأ ثم أكتب.. زرت الفلبين مرة، أرهقني التعب فصعدت للفندق في التاسعة مساءً، نمت تاركاً نافذة الغرفة مفتوحة، لأستيقظ بعد إثنى عشرة ساعة على ضوء الشمس، ظننت نفسي قد مت، فكيف لي أن أرى الشمس بعد عشرات السنين، وكيف لي أن أنام كل هذا الوقت.. إنه الرجل الذي لم يرى الشمس، إنه القارئ ثم القارئ ثم القارئ ثم الكاتب أنيس منصور.
في حوار له قبل رحيله مع الإعلامي طارق حبيب قال: أنا أعيش كي أقرأ ثم أكتب، أنام في الحادية عشر والنصف مساءً لأستيقظ في الرابعة والنصف فجراً، أغلق على نفسي الغرفة لأقرأ وأكتب حتى يأتي موعد نومي، ومابين النوم والصحيان أظل مشغولاً بالقراءة والكتابة، فليس لدي مايشغلني أو يهمني أو يعكر صفو حياتي إلا القراءة والكتابة.
مابين السابعة والتاسعة من عمره حفظ القرآن كاملاً، وفي مرحلة الدراسة الإعدادية قرأ ثلاثمائة كتاب هي كل ماكانت تحوية مكتبة القرية في المنصورة، وفي كبره حفظ نصوص الكتاب المقدس والإنجيل.
لم يكن أنيس منصور الأديب والفيلسوف والصحفي والكاتب والشاعر إجتماعياً، فقد كان يرى في ذلك مضيعةً للوقت وإهدار لقيمة الإنسان الذي يجب أن لا يكون مشغولاً إلا بالقراءة والكتابة، كانت كل طموحاته أن يقرأ أكثر ليكتب أكثر، يجوب العالم لكي يقرأ، يجلس في صالون العقاد كي يتعلم، يعانق طه حسين كي يعرف.
ومابين الألف والياء كتب أنيس منصور مئات الكتب وآلاف المقالات وعشرات المسرحيات والمسلسلات..وهذا مقال الغد إنشاء الله !!!