للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...ما أصعب أن تهوى امرأةً ليس لها عنوان

كلمتين ونص...ما أصعب أن تهوى امرأةً ليس لها عنوان

الكاتب : عثمان علام |

11:48 pm 08/01/2021

| رئيس التحرير

| 4961


أقرأ أيضا: Test


قبل أن اولد ، كتب الشاعر نزار قباني قصيدته "قارئة الفنجان "، وقبل أن اولد أيضاً لحن محمد الموجي القصيدة ليغنيها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في أبريل 1976، أي بعد مولدي بعام وشهر واحد "حسب تاريخ ميلادي الأصلي"

الغريب أنه وبعد بلوغي سن العاشرة كانت أول أغنية اسمعها "قارئة الفنجان "، عبر أثير الإذاعة ، وهذا بالصدفة البحتة ، فلا أنا اترقب سماع الأغاني ولا افهم معى الأغاني ، لكن القدر شاء أن يتعلق قلبي بشيئ لم اخطط له .

وكيف لصغير مثلي أن يفهم معاني كلمات وأشعار نزار قباني ، ومن هو بالنسبة نزار قباني ، لكن كلمات الأغنية أحدثت وقعاً شديداً منذ البداية ، جعلتني أنزوي في ركن بعيد لا أريد أن يفصلني عنها أحد ، أنا لا افهمها ولا أعي معانيها ولا من كتبها ولا من لحنها ، غير أنني كنت مثل البقر الذي يدر اللبن بمجرد سماع الموسيقى ، وربما هذا ما جعلني فيما بعد اترقب الأوقات التي يغني فيها عبدالحليم .

وفي أحد المرات ركبت الميكروباص من بلدتي لقضاء أحد المهام فى المدينة ، وفى المنتصف غنى عبدالحليم حافظ أغنية "مداح القمر "، ووصلت لوجهتي ، لكن عبدالحليم لم يكن قد فرغ من أغنيته ، فظللت في السيارة ورجعت دون إنجاز المهمة ، فقط استمتعت بالعندليب .

وظل هذا الأمر يلازمني ، وكلما اضطرتني الظروف لركوب أي وسيلة مواصلات ، كنت أسأل السائق: معندكش أغنية لعبدالحليم حافظ ؟
وكان أول شيئ أقدمت على فعله عندما اشتريت سيارة خاصة ، جمع أغاني عبدالحليم حافظ ، وكلها كانت شرائط كاسيت ، ولم أنسى أن أول شريط كاسيت كان "قارئة الفنجان "، وحتى الآن لازلت اسمع هذه الأغنية فتطربني ، فقد عشت معها ذكريات طفولية وشبابية وقصص حب وحكايات شكلت فيها هذه الكلمات وجداني ، رغم أني لم أكن ادري معانيها ولا لماذا كُتبت ولا لمن كتبها الشاعر ، لكنها كانت ولا تزال تبعث الطمأنينة في نفسي ، وتأخذني الى مكان بعيد ، حيث المرأة صاحبة الشعر الغجري المجنون والضحكة ذات الأنغام والورود والفم المرسوم كالعنقود ، والمرأة التي لا وطن لها ولا أرض ولا عنوان....ما أصعب أن تهوى امرأةً يا ليس لها عنوان .


غنى عبدالحليم حافظ هذه القصيدة في عيد شم النسيم عام 1976، ولكن لم يكن يدري آنذاك أن هذه القصيدة هي آخر أغنية يقدمها بعد ربع قرن من الغناء، ولم أكن ادري أنا المحب الولهان للعندليب أن الأغنية الأولى التي اسمعها للعندليب هي الأغنية الأخيرة له ، فقد مات بعدها .

وللأغنية حكاية: فبعد أن انتهى عبد الحليم حافظ من قراءة قصيدة لنزار قباني في إحدى دواوينه، وأعجب بها، قرر غنائها، لكنه كان معترضاً على بعض الكلمات في القصيدة، فحاول الاتصال بنزار قباني الذي كان يتنقل ما بين أكثر من دولة ، وبعد محادثات طويلة، اقتنع الشاعر بوجهة نظر عبد الحليم بتغيير بعض الكلمات التي طلب عبد الحليم تغييرها .


استغرق محمد الموجي عامين في تلحين القصيدة ، وقد لحن بعض المقاطع أكثر من لحن وبمقامات موسيقية مختلفة لكي يختار عبد الحليم منها، فما كان من عبد الحليم إلا أن اختارها كلَّها، فمثلاً مقطع "بحياتك يا ولدي امرأةٌ" يغنيه عبد الحليم بلحنين مختلفين، وكذلك مقطع "ستفتش عنها يا ولدي"، وهو أمر نادر الحدوث في الغناء العربي. 


وتقول القصيدة:
جلسَت والخوف بعينيها تتأمل فنجاني المقلوب
قالت يا ولدي لا تحزن فالحب عليك هو المكتوب
يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداءاً للمحبوب

بصّرت ونجّمت كثيراً...لكني لم أقرأ أبداً فنجاناً يشبه فنجانك.
بصّرت ونجّمت كثيراً...لكني لم أعرف أبداً أحزاناً تشبه أحزانك.

مقدورك أن تمضي أبداً في بحر الحب بغير قلوع...وتكون حياتك طول العمر كتاب دموع.
مقدورك أن تبقى مسجوناً بين الماء وبين النار...فبرغم جميع حرائقه، وبرغم جميع سوابقه وبرغم الحزن الساكن فينا ليل نهار وبرغم الريح وبرغم الجو الماطر و الإعصار
الحب سيبقى يا ولدي أحلى الأقدار

بحياتك يا ولدي امرأةٌ عيناها سبحان المعبود
فمها مرسوم كالعنقود، ضحكتها أنغام وورود
والشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيا
قد تغدو امرأة يا ولدي يهواها القلب هي الدنيا

لكن سماءك ممطرة وطريقك مسدودٌ مسدود
فحبيبة قلبك يا ولدي نائمة في قصرٍ مرصود
من يدخل حجرتها، من يطلب يدها
من يدنو من سور حديقتها، من حاول فكّ ضفائرها..يا ولدي مفقودٌ مفقود

ستفتِّش عنها يا ولدي في كل مكان
وستَسأل عنها موج البحر وتسأل فيروز الشطآن
وتجوب بحاراً وبحاراً، وتفيض دموعك أنهاراً...وسيكبر حزنك حتى يصبح أشجاراً أشجارا
وسترجع يوماً يا ولدي مهزوماً مكسور الوجدان...وستعرف بعد رحيل العمر بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبةُ قلبك ليس لها أرض أو وطن أو عنوان
ما أصعب أن تهوى امرأةً يا ولدي ليس لها عنوان

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟