الكاتب : عثمان علام |
09:49 pm 29/07/2019
| 2343
في كتاب "سلوة العارفين " يرسم الإمام الغزالي قصة الود والحب والعشق التي ولدت وعاشت في بيت النبوة بين الإمام علي وزوجته فاطمة بنت النبي بأحسن الكلمات وأجمل الأبيات ، يحكي الغزالي في كتابه : ان الامام علي كرم الله وجهه دخل يوماً على السيدة فاطمة وهي تغسل رأس الحسن وسيدنا الحسين فلما فرغت من ذلك مشطت رأسهما وغسلت ثوبهما وأخذت دقيقاً وعجنته وخبزت خبزآ ولم تتكلم مع الامام علي
فقال الإمام علي:
يافاطمة رأيت منك عجبآ لم أره قبل هذا ؟فإنك غسلت رأسهما و ثوبهما وخبزت خبزاً كثيراً ولم تتكلمي معي !
قالت فاطمة :
ياعلي إني فعلت ذلك لأني أريد أن أذهب إلى ضيف حتى لايكون أولادي جائعين ولم أتكلم معك لأني أريد الفراق
منك وأنشدت هذه ألأبيات في حق أبيها عند الفراق :
إذا أشتد شوقي زرت قبرك باكيا،
أنزح وأبكى لأراك ما بي
ياساكن الصحراء علمني البكا،
وذكرك أنساني جميع المصائب
وإن كنت عني في التراب مغيبا،
فما أنت عن قلب الحزين بغائب.
ثم قال الامام علي:
يافاطمة متى ترجعين من عند الضيف؟
قالت لامرجع إلي يوم القيامة
قال علي: ماهذا الكلام يافاطمة ؟
الوحي منقطع ومن أخبرك بذالك ؟
قالت فاطمة الزهراء :
رأيت البارحة أبي رسول الله محمد في المنام وقال لي : يافاطمة طال العهد وأشتد الشوق وأنا منتظرك
فلما سمع علي هذا الكلام من فاطمة بكى
وأنشد يقول :
لكل اجتماع من الخليلين فرقة،
وكل الذي دون الفراق قليل
وإن افتقادي فاطمة بعد أحمد،
دليل على أن لا يدوم خليل
وكيف منامي العيش من بعد فقدهم
لعمرك شيء ما إليه سبيل
ثم دعت فاطمة الحسن والحسين فأجلست الحسن على فخذها الأيمن والحسين على فخذها ألأيسر فنظرت إلى وجههما وتبكي وتقول :
ياليت شعري من يغسل ثوبكما بعدي
ومن يمشط رأسكما بعدي
لو أدركت زمان محنتكما وقتلكما وبكيت لأجلكما.
ولما سمع علي من فاطمة هذا الكلام قال
الموت صعب ولكن موت الغرباء وموت الشباب وموت اليتامى أصعب ولأن فاطمة كانت في المدينة غريبة وشابة ويتيمة.
ثم قال علي :
يا فاطمة فإني أوصيك بوصية إذا رأيت أباك رسول الله محمد فأقرئيه مني السلام وقولي إني مشتاق إليك وإن لم تكوني راضية مني فلا تشتكي إلى رسول الله لأني رجل فقير لم أعرف قدرك .
وإذا رأيتني في عرصات القيامة وانا في يد الزبانيه تشفعين لي
فلما سمعت فاطمة هذا الكلام من علي قالت :
ياعلي ولي إليك وصية أيضا إذا مت فكفني وادفني بنفسك
وإذا رأيت غريبآ ويتيمآ وشابآ فاذكر غربتي وشابتي وأن لاتصيح ولاتضرب الحسن والحسين
ثم قالت :
ياعلي قد جاء أبي محمد وأرى ملائكة السماء وملك الموت ، ثم قالت ياعلي قم وائتنى بحقتي فجاء مع الحقة وقالت فاطمة : ياعلي إذا أردت دفني فاخرج من هذه الحقة كاغدا "قرطاس" واجعله في كفني ولا تنظر
قال علي: يافاطمة ما في الكاغد ؟
قالت سرّ ..قال بالله عليك أن تخبريني
قالت فاطمة :
حين أراد النبي أن يزوجني منك
قال يافاطمة هل ترضين أن ازوجك من علي على صداق أربعمائة درهم ؟
قالت: قلت رضيت عليا ولا أرض بصداق أربعمائة درهم ، فجاء جبريل وقال :
يا رسول الله يقول الله تعالى جعلت الجنة وما فيها صداقا لفاطمة ، قلت لا أرضى !!
قال وماذا تريدين ؟
قلت أريد شفاعة أمتك لأن قلبك مشغول بهم ، فرجع جبريل ثم جاءني بهذا الكاغد مكتوب فيه جعلت شفاعة أمة محمد صداق فاطمة إذا كان يوم القيامة آخذ هذا الكاغد يقول :
إلهي وسيدي هذا قبالة شفاعة أمة محمد ويقال إذا كان يوم القيامة نادى مناد :
ياأهل الجمع غضوا أبصاركم عن فاطمة حتى تمر على الصراط وإنما يسترها الله عن أعين أهل الموقف لأنها كانت قد سترت نفسها عن غاسل الموتى وغسلت نفسها في حياتها
وفي ذلك اليوم...زينت فاطمة الحسن والحسين وأرسلتهما إلى المسجد لأن النبي أخبرها أنك تلحقين بي بعد ستة اشهر ثم قالت للعجوز التي كانت تخدمها لا تأذني لأحد بالدخول علىّ فإني اشتغل بالمناجاة والصلاة فغسلت نفسها وكفنتها وحنطتها بباق حنوط رسول الله وغطت وجهها بكساء وجددت الإيمان فأمر الله ملك الموت أن يقبض روحها .
فلما كان وقت الضحى رجع الحسن والحسين ودخلا عليها وظنا أنها نائمة فقال الحسن للحسين: أيقظها فإن وقت الصلاة قد دنا ، فناداها يا اماه !!
فهتف هاتف ..كيف تنادي الميت ؟
فلما كشفا عن وجهها سطع النور منه وكأنها نائمة فبكيا وبكت العجوز وبكى الجيران وسمع علي الصراخ فخرج من المسجد مسرعاً فوجدها ميتة ووجد خطا تحت وسادتها ياعلي أوصيك بالحسن والحسين فغسلها علي ثانيا فكان هو مخصوصا بذلك لأنه سمع النبي يقول: كل سبب ونسب ينقطع إلا سببي ونسبي
قال له ياعلي إنها زوجتك في الجنة لذلك غسلها و دفنها ببقيع الغرقد .