معظم الناس مثلهم مثل المغنية شيرين.. فقد غنت منذ سنوات لمصر" مشربتش من نيلها"،لأن مصر دفعت لها ملايين الجنيهات في حفلاتها ومسلسلاتها وأفلامها، وعندما سافرت شيرين للخارج شتمت مصر، لأن النيل الذي كان يفيض عليها قد جف وأصبح مليئ بالبلهارسيا.
مثلها تمام كل وزير ومسئول جالس على الكرسي شغال كلام عن كراماته وإنجازاته، وعندما يصبح سابق يتحول لثورجي وخبير ومنظر ومصلح ومفكر وأديب ومحارب للفساد، مع أنه كان يوماً صانعاً للفساد بسوء إدارته أو بسوء استخدامه للسلطة.
حتى الإعلاميون والصحفيون في القنوات والجرائد، أقلامهم تقطر عسلاً وأصواتهم لا تكف عن العبور والإنجازات، وعندما يتركوا مناصبهم ويعتلوا منابر خاصة، لا حديث لهم إلا عن مثاليتهم وكيف أنهم حاربوا الفساد دون توقف، وفي النهاية هاتك يا نقد وجلد لمصر، في الداخل والخارج.
وهذا معناه أن كل شيئ مرتبط بالمصلحة، مرتبط بوجودك على الكرسي، وأول الكرسي ما يلف ويروح لحد تاني، يتحول الشخص لثورجي وبطل، وياما ناهض وحارب وشجب وأدان .
وهذا دليل على الإنفصام في شخصية هؤلاء الذين تحنو عليهم مصر وتكون كريمة معهم للغاية، هم الذين دمروا عقولنا وأفكارنا بالحكم والمواعظ الكاذبة، هم كهنة هذا الزمان وكل زمان...وبينما هم هكذا، فإن كثيراً من هذا الشعب الذي لم تحنو عليه مصر يحبها ويعشق ترابها، لا لشيئ إلا لانها بلده، ترابها غالي، وحضنها دافئ، مع أنهم يوماً لم يكونوا وزراء ولا مسئولين، ومع انهم يوماً لم يكونوا رؤساء شركات، ومع أنهم يوماً لم يكونوا اعضاء مجالس إدارة، ومع أنهم يوماً لم يحصلوا على مكافأة نهاية خدمة 3 مليون ونصف... إنهم المرددين دائماً قول الشاعر:
بلدي وإن جارت عليَّ عزيزة...وقومي وإن ضنوا عليَّ كرامُ .