تستحق تجربة المحاسب محمد مصطفى في ابسكو، كل تقدير وإشادة واحترام وتطبيق أيضاً، وكيف لا وهي الشركة التي كانت أكثر ضجيجاً، وسرعان ما تحولت للشركة الأكثر هدوءً وإنتاجاً .
منذ إنشاء شركة ابسكو، ولم يكن يُسمع عن هذه الشركة سوى الصداع والضجيج والمشاكل، وكانت وكأنها الشوكة التي قصمت ظهر القطاع بتكدس العمالة فيها، وما ينتج عن ذلك من مشاكل لا تنتهي صباحاً ومساءً، العمال في الحقول يلقون معاملةً لا تليق، وبين الرفوف تفرقة، ولا جدوى من هذا ولا من الإنشاء، سوى تصدير كل ما هو سيئ حتى لرؤساء الشركات التي ألحقت ابسكو عمالتها عليها .
وفي زيارات كثيرة للحقول كنت التقي عمالة ابسكو، وهم شباب كغيرهم لا ينقصون بل يزيدون على اقرانهم في الشركات الأخرى، كانوا يشتكون من تلك التفرقة العنصرية في المأكل والمسكن والمعاملة، وسرعان ما ذاب كل ذلك تدريجياً بجهود رجال كثيرين سبقوا محمد مصطفى في رئاسة ابسكو، وبالتعاون مع رؤساء شركات أخرى آمنوا أن لهؤلاء حق، فهم أبناء القطاع مهما اختلفت جنسياتهم وتعددت طلباتهم، غير أن المشاكل لم تنتهي .
لكن تبقى فترة محمد مصطفى في الميزان، فقد أختفت على يديه كافة المشاكل السابقة لعهده، وعرف الرجل أين الجُرح فداواه، وأين الكسر فجبره، وأخرج ابسكو من كونها شركة عمالة لشركة منتجة، شركة بحثت لنفسها عن دور وتحقق بالفعل .
ومن يطالع خطة الشركة التي عرضت في الجمعية العمومية السابقة والتي سبقت السابقة، يرى كيف تستطيع الإدارة قلب الموازين وتغيير المفاهيم، فإلى جانب تحسين وتعظيم دور العنصر البشري والحفاظ على حقوقه "وهذا واجب"، عمل محمد مصطفى على تفعيل كافة البنود التي وردت في قرار التأسيس، بل وزاد على ذلك بدخول الشركة في أنشطة متعددة، عظمت من دور العنصر البشري، وشاركت ابسكو في خلق تجربة لغزو نشاط الإنتاج، وكلل ذلك بالنجاح بتأسيس شركة إيجيبتكو .
واعترف أنني في كل مرة كنت ازور فيها رئيس ابسكو السابق او اللاحق، لم اكن اشاهد سوى مجموعة صغيرة من القيادات، وربما اقتصر الأمر على المحاسب طارق البدري شريك النجاح و المحاسب مصطفى هلال، لكن الآن بات لشركة ابسكو مئات القيادات الواعدة من الشباب، كلهم صنيعة محمد مصطفى، هذا الرجل الذي استطاع بفكره الإداري تطوير البشر، وتطويع الحجر .
