للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...ويَكفيكَ يا قاسى دَمُ العُشّاقِ

كلمتين ونص...ويَكفيكَ يا قاسى دَمُ العُشّاقِ

الكاتب : عثمان علام |

07:48 pm 28/08/2018

| رئيس التحرير

| 1710


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

هل من الممكن أن يكون أكذب الكلام أصدقه؟، وإن لم يكن هكذا، فلماذا أعذب الشعر اكذبه كما يقول علماء اللغة ؟

الواقع دائماً ما يدعم أشياء ويوطدها في الأذهان حتى لو كانت خاطئة، مثلها مثل أولئك الذين يخشون الناس والمجتمع ولا يخشون رب الناس والمجتمع...ولهذا فأنت أحياناً تجد نفسك مضطراً لتصديق الكذب والكذابين، خاصةً عندما يصدر هذا الكذب من القول من مديرك في العمل، و حتى عندما تنافقه أنت أيضاً فإنما تسوق إليه كلاماً كاذباً هو يستحسنه ويصدقه رغم أنك تعرف أنك تكذب على نفسك وعليه .

وفي عهود مضت استحسن المثقفون والأدباء ورجال الدين الشعر، وهم في قرارة أنفسهم يمقتون بعضه ولا يصدقونه، وكان الشيخ الشعراوي "رحمة الله"محباً لأمير الشعراء احمد شوقي، حفظ كل ما وصل اليه من أشعاره، خاصةً الأشعار التي مدح فيها النبي، او التي تذكر السيرة النبوية والمناسبات الدينية، لكن الشعراوي اصابته غُصة من شوقي عندما قال : رَمَضانُ وَلّى هاتِها يا ساقى ..مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ .. فطلب مقابلته، وأبدى الشعراوي حباً وتقديراً واحتراماً لأمير الشعراء، غير أنه عاتبه، بقوله: ما كان لك أن تكتب هذه الأبيات، وتقبل شوقي العتاب والنقد ، لكن سأله بذكاء الشاعر الواعي عن دراسته، فقال ادرس في الازهر.. قال له: معنى ذلك أنك تحفظ كتاب الله!، قال نعم، قال :فاقرأ اخر آيات سورة الشعراء، فتلاها الشيخ الشعراوي : والشعرآء يَتَّبِعُهُمُ الغاوون أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ} ، فقال له: هكذا نحن الشعراء، ليس كل ما نقوله نعمل به، فرد الشعراوي: صدقت، و هكذا صدقوا عندما قالوا: أَعْذب الشعر أكذبُه، وكان للرسول "ص" رأي في الشعر والشعراء، غير أنه قرب حسان بن ثابت، وهو ليس كغيره من الشعراء .

ورغم طول قصيدة شوقي والتي اعتبرت خروجاً عن مألوف شعره، إلا أن علماء الدين لم يثوروا على شوقي، واعتبروا ذلك من باب الإبداع وأحياناً قوة البلاغة، ومن طالع كل اشعار عبدالحميد الديب في ذلك الوقت يكتشف كيف كانت حرية الرأي والتعبير، غير أن كل ذلك لم يأخذ به أهل الدين وإن استعذبوه وحفظوه، كما يحسب للمثقفين في هذا الوقت انهم استطاعوا أن يقللوا من حدة " الغضب"، ووصفوا هذا الزمن الجميل .

وما أحوجنا الآن لهذا الزمن الجميل الذي تتبادل فيه الناس الأراء فيما بينهم، كلاً يحترم رأي غيره حتى ولو لم يكن مؤيداً له، نحتاج لعودة هذا الزمن، لكن بغير كذب ولا نفاق ولا خمر ولا ثمالة ولا أشخاص يستحسنون ويتذوقون النفاق والتضليل .

أما بقية قصيد شوقي فيقول:

رَمَضانُ وَلّى هاتِها يا ساقى ..مُشتاقَةً تَسعى إِلى مُشتاقِ

ما كانَ أَكثَرَهُ عَلى أُلّافِها ..وَأَقَلَّهُ فى طاعَةِ الخَلّاقِ

اللَهُ غَفّارُ الذُنوبِ جَميعِها ..إِن كانَ ثَمَّ مِنَ الذُنوبِ بَواقي

بِالأَمسِ قَد كُنّا سَجينَى طاعَةٍ ..وَاليَومَ مَنَّ العيدُ بِالإِطلاقِ

ضَحِكَت إِلَى مِنَ السُرورِ وَلَم تَزَل ..بِنتُ الكُرومِ كَريمَةَ الأَعراقِ

هاتِ اِسقِنيها غَيرَ ذاتِ عَواقِبٍ ..حَتّى نُراعَ لِصَيحَةِ الصَفّاقِ

صِرفاً مُسَلَّطَةَ الشُعاعِ كَأَنَّما ..مِن وَجنَتَيكَ تُدارُ وَالأَحداقِ

حَمراءَ أَو صَفراءَ إِنَّ كَريمَها ..كَالغيدِ كُلُّ مَليحَةٍ بِمَذاقِ

وَحَذارِ مِن دَمِها الزَكِى تُريقُهُ ..يَكفيكَ يا قاسى دَمُ العُشّاقِِ .

لمتابعة موقع المستقبل البترولي يرجى الدخول على الرابط التالي:

http://www.petroleumfuture.com

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟