عثمان علام: لم يكن باولو كويلو مخطئً عندما قال: أن مشكلة الكلمات أنها تمدنا بإحساس وهمي أننا نَفهم ونُفهم، ولكن عندما نستدير ونقف وجهاً لوجه أمام أقدارنا نجد أن الكلمات لا تكف.
وهذا هو الواقع، فعندما نتحدث كثيراً نكتشف في أنفسنا أشياء قد تكون وهمية، وأننا قادرون على الفهم وعلى آفهام غيرنا أشياء كثيرة، بل إن الكلمات تكسبنا أحياناً مهارات وهمية، وتكسباً أحياناً أخرى صفات ممقوتة وغير مقبولة شرعاً وعرفاً ومجتمعاً.
وليست صفة النفاق ببعيدة عن مكتسبات الكلمات، فالكلمات هي التي عمدت إلى ذلك، واسقطتنا في بحر الرذيلة النفاقية، فنتحدث بأشياء أحياناً ونتحدث بعكسها احياناً اخرى .
والأقوال السديدة دائماً لا تعرف الكثرة، وكل الذين تحدثوا بها كانوا قليلو الكلام أو انهم يفسرون نصوص للكتب السماوية.
وبصلاح الأقول تصلح الأفعال، والله دائماً لا يصلح عمل المفسد، لأن قوله ليس سديد، وإنما هو نوع من الثرثرة والنفاق والقيل والقال.
ولهذا فإنه يموت ببطء من لا يسافر، ومن لا يقرأ، ومن لا يسمع الموسيقى، ومن لا يعرف كيف يجد شيئا بفضل عينيه وليس بفضل لسانه، وكل من يفعل ذلك يرى ويراقب أكثر مما يتكلم .
والذي قال أن الظلام لا يمكنه ان يبدد الظلام، وأن الضوء وحده يمكنه ذلك .. والكراهية لا يمكنها ان تبدد الكراهية، فالحب وحده يمكنه ذلك، كان قيل الكلام أيضاً .