بينما يتسع أضيق مكان في هذه الحياة لاستيعاب ملايين البشر، تضيق على الناس الدنيا باسرها حتى لو كانوا يملكون نصفها، بفعل آثامهم وصراعاتهم وإبتلاء الله لهم...والحياة عندما تتسع للجميع تختفي الصراعات، وتتحول الضغينة لحب، ويتآلف الكل فيما بينهم .
وقد اتسعت الحياة في مصر لأكثر من مائة مليون مواطن، وفي الصين لأكثر من مليار و400 مليون بني آدم، لكنها ضاقت عليه هو وسبعة نفر لا حول لهم ولا قوة، فظن أنه اكبر وأفضل منهم، وأنه عندما يرفع يديه يغلق أبواب السماوات، ويحجب ضوء الشمس فلا تشرق...لقد عاش أضغاث أحلام، ولم يكن يعلم أن أي إنسان مهما ملك، ومهما علت منزلته وارتفع قدره، وذاع شأنه بين العامة والخاصة، لن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولا.
وهكذا فعل حرف الحاء، فقد نكل وشكل واستبعد وخصم وأذاق غيره مرارة غضب السلطان الذي يجور على حقوق غيره من صغار الموظفين، دون ردع من أحد، لكن وقبل أن يبلغ ظلمه مداه، لطمته يد الله فوق وجهه وعلى وجنتيه واذنيه وعينيه ويديه ورجليه، فما كان ينوي فعله بغيره فُعل به، وها قد اقتص الله منه في الدنيا، ليبقى عقاب الأخرة واقع لا محالة، لأن الله يقول: " وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا، يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا"، ...لهذا فكل الذين اتخذهم حرف الحاء خلائل له سيشهدون عليه، لأنهم إنما أئتمروا بأمره، وارتكبوا ما ارتكبوه بإيعاذ منه .