للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...العميد وشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء

كلمتين ونص...العميد وشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء

الكاتب : عثمان علام |

07:55 pm 11/05/2018

| رئيس التحرير

| 1335


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

رغم ان احدهما عاش في العصر العباسي والآخر في القرن العشرين، لكن كان بينهما تشابه كبير ..فكلاهما كان مكفوفا تفوق على أمثاله بحدة الذكاء ونفاذ البصيرة وغزارة العلم وفصاحة اللسان، وكان بينهما تشابه عجيب في عدة أمور، وكان طه حسبن معجبا بأبي العلاء أشد الإعجاب ومتأثرا به...وأبو العلاء المعري هو شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء، والدكتور طه حسين الملقب بعميد الأدب العربي وعرف أيضا بمعري القرن العشرين.

يقول الدكتور عبدالرحمن الفيضي في تأريخه لحياة طه حسين: استوعب طه حسين شخصية المعري وبيئته وحياته وأدبه وتشاؤمه في رسالته الأكاديمية "ذكرى أبي العلاء"، وهي الرسالة الأولى للدكتوراه، التي قدمها للجامعة المصرية عام 1914...لقد استيقن طه حسين أن حياة أبي العلاء تلك هي الحياة التي يجب عليه أن يحياها ما استطاع إليه سبيلا".

ويحكي طه حسين نفسه قصة إعجابه بالمعري وولعه بالبحث والدراسة عنه حيث يقول: ثم عرض لي أن أدرس حياة أبي العلاء، ذلك الذي أبغضته ونفرت منه، ولست أدري لم حبب إلي البحث عن هذا الرجل؟ ومع أن كتبه قد ضاع أكثرها، فقد خيل إلي أني أستطيع أن أجد فيما بقي منها ما يشفي الغليل..وقد سمعت الناس يتحدثون عن اللزوميات فلا يتفقون فيها على رأي..وسمعتهم يصفون أبا العلاء بالإسلام مرة وبالكفر مرة..ورأيت الفرنجة قد عنوا بالرجل عناية تامة.. فترجموا لزومياته شعرا إلى الألمانية، وترجموا رسالة الغفران وغيرها من رسائله إلى الإنجليزية، وتخيروا من اللزوميات والرسائل مختارات نقلوها إلى الفرنسية..وأكثروا من القول في فلسفته ونبوغه...ورأيت بيني وبين الرجل تشابها في هذه الآفة المحتومة"فقد البصر"..لحقت كلينا في أول صباه، فأثرت في حياته أثرا غير قليل. كل ذلك أغراني بدرس أبي العلاء..وأنا أحمد هذا الإغراء.. فقد انتهى بي إلى نتيجة طريفة..وما كنت أنتظر ولا كان ينتظر الناس أن يصل إليها باحث..هذه النتيجة هي فهم فلسفة أبي العلاء وردها إلى مصادرها ردا مجملا، ثم فهم الروح الأدبي لهذا الحكيم.

وتكمن أوجه التشابه بين المعري وطه حسين كما تقول زوجته سوزان: ليس في إصابة كلاً منهما بآفة فقد البصر..ولكن في التضلع من الثقافات والفلسفات، وتأثير المؤثرات الخارجية في تكوين الشخصية، وفي التشاؤم، وقد اعترف طه حسين أن أبا العلاء المعري ملأ نفسه ضيقا بالحياة وبغضا لها، وهو في هذا يشعر بتشاؤم أبي العلاء، لأن ذكرى أبي العلاء لم تفارقه في لحظة من لحظات اليقظة، إلا أن يشغل عنها بالاستماع إلى الدرس أو إلى القراءة. وباختصار كان المعري مثله الأعلى.

كما تشابه الاثنان في العبث والسخرية، والشك، والإيمان بالله وتحكيم العقل، والكبرياء والاعتزاز بالنفس، والأحكام المطلقة، والتناقض، وازدواجية الشخصية، والاتهام بالكفر والزندقة، والتمكن من اللغة العربية والأدب العربي، والإعجاب بالمتنبي، والاتصال بالخاصة من العلماء والأدباء ومحاولة الانتحار.. كما تشابه في مدة الحياة، فكلاهما عاش اربعة وثمانون عاما .

كان طه حسين معجبا بأبي العلاء المعري أشد الإعجاب، ومولعا بالدراسة عن أدبه وفلسفته، وانتهى به شغفه إلى أن وجد في أبي العلاء الشخصية التي يجب عليه أن يحتذي بها..ونال الدكتور طه حسين شهادة الدكتوراه لأول مرة من الجامعة المصرية للأطروحة التي قدمها عن حياة أبي العلاء وأدبه وفلسفته، والتي نشرت فيما بعد بعنوان "ذكرى أبي العلاء" ثم بعنوان "تجديد ذكرى أبي العلاء"، كما صدر عن المؤلف عدد من الكتب عن جوانب متنوعة لأدب أبي العلاء وفلسفته. 

وإذا ذكرنا الملاحظات التي سطرها طه حسين في كتاباته عن أبي العلاء وجدنا أن معظمها –إن لم تكن جميعها- تنطبق على طه حسين أيضا، حيث نجد بين أبي العلاء وطه تشابها معجبا في عدة أمور، بعضها محض مصادفة، وبعضها لا شك أنه من باب التأثير والتأثر...ولعل هذا التشابه يوصلنا إلى تصديق من وصف طه حسين بالوريث الفكري لأبي العلاء المعري، وبمعري القرن العشرين..وكيف لا وقد قالت زوجة عميد الأدب العربي: إن طه حسين كان أبا علاء آخر، إنسانان غارقان في الليل نفسه، إنسانان يرفضان قدرا ظالما، إنسانان يملكان رضوخا خارقا، وموهبة في التعبير استثنائية، وكبرياء شامخ، وجرأة فكر، كلاهما يعرفان نفسيهما، ويريدان أن يكونا حرين، وكلاهما كان يحاكم العالم، دون أي وهم.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟