للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...يا صـاحبي ما آخر الترحـال ؟

كلمتين ونص...يا صـاحبي ما آخر الترحـال ؟

الكاتب : عثمان علام |

05:01 am 21/04/2018

| رئيس التحرير

| 1904


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

بينما كان الدكتور مصطفى محمود طريح الفراش لايتكلم ولا يدري بمن حوله، لا يكتب ولا ينشر في "2008"، أصدرت الدكتورة لوتس عبد الكريم كتاباً باسمه "مصطفى محمود"، يقع في مائتين وعشرين صفحة 

واهدت لوتس عبد الكريم الكتاب للدكتور مصطفى محمود، وقالت: "إلى أستاذي وصديقي الذي أضاء بفكره ظلام حيرتي وأشعل بإيمانه جذوة الأمل في طريق أرحب طريق الله.. إلى الدكتور مصطفى محمود". وهو كتابٌ في مجال السير الذاتية من وجهة نظر الكاتبة التي وضعت أكثر من مُؤَلَّفٍ في هذا الشأن، إذْ لا تكتب إلاَّ عن شخصيات بارزة ومؤثِّرة عرفتها عن قرب، ومن ثم استطاعت أن تضيف جديدًا ومختلفًا في كل ما كتبت.

وعندما بدأت نشر مقالتها عن مصطفى محمود في مجلة "الشموع" (وهي المقالة التى بسببها ألَّفت الكتاب "كان قصدها" إيقاظ غفلة أهل العلم والفن والإعلام الذين ينامون في سباتٍ عميق، متناسين قيمة ما قدم هذا العالم  من فكرٍ وعلمٍ ودينٍ لمصر وكل العرب على مدى زمنٍ طويل، وأنه واجهة مضيئة بكل ألوان الثقافة التى أصبحنا نفتقدها اليوم في عالمنا الخاوي المتناسي لكل أنواع الإبداع".

وتذكر لوتس عبد الكريم في تقديمها لكتابها "مصطفى محمود – سؤال الوجود – بين الدين والعلم والفلسفة": طلب مني الكثيرون أن أكتب عن مصطفى محمود كتابًا ككل ما كتبت عن أصدقائي المقربين: الملكة فريدة، ثم إحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ومحمد عبد الوهاب ويوسف وهبي.. ولكنَّه غير كل هؤلاء...إن ذكرياتي معهم وسيرتهم ولون علاقتي بكل منهم غير مصطفى محمود. إن كتاباتي عن كُلِّ هؤلاء كانت انطباعات ومشاعر أساسها الاندماج الكلي والأحداث والعِشْرة والفهم الكثير والتأثُّر بمسيرتهم في حياتي ودورهم فيها..فأنا أكتب بفطرةٍ بالغةٍ الصدق ولستُ محترفةَ كتابةٍ..إنما أُسَجِّل مشاعري دون دراسةٍ أو نقدٍ أو تحليلٍ، وهنا أذكر له (مصطفى محمود) أنه قال لي ذات مرة (أنت يا لوتس أكثر واحدة عندك القدرة على فهم وتحليل الشخصية).. هذا ما قاله، وما لم أعرفه في نفسي، ورغم ذلك فحين أقدمتُ على محاولة الكتابة عنه، شعرتُ للمرة الأولى بعجزٍ شديدٍ، فتوقفتُ تمامًا لمدةٍ ليست قصيرةً. لماذا؟ لأنه عملاق ليس كبقية من عرفت من عمالقة، عملاق فريد في شخصه، في خصاله، في أدبه، في تفكيره، في عقليته، في نظرته إلى الحياة وفلسفته، إنَّه من كبار المفكرين العرب، هو أصعب من كُلِّ هؤلاء العمالقة، أعجز تمامًا في الوصول إلى عقله أو قلبِهِ، رغم سعة هذا العقل سعة غير طبيعية وعمق هذا القلب عمقًا غير عادي..إنه عاقل جدًّا ومجنون جدًّا وهو طيب جدًّا وقاس جدًّا، وهو عاطفيٌّ أحيانًا وجامدٌ ومتحكم في أحاسيسه أحيانًا كثيرة. وهو سَهْلٌ وممتنع وهو هادئٌ وثائرٌ، وهو بسيطٌ للغاية ثم مبهمٌ وغامضٌ أكثر المرات، وهو عميقٌ ومدركٌ وأذكى الأذكياء، ثم يبدو غير ذلك مرات كثيرة. إنه إنسانٌ لا يستطيع أن يفهمه إنسانٌ، لكن إنَّ ذلك الرائع العملاق المستعصي على فهم الأذكياء بفلسفته المحبوكة المحكمة وعلمه الذي تفوَّق على العلم، وعمق إدراكه لكل ما لا يُدْرَكُ".

وفي رسم شخصيته تذكر الدكتورة لوتس عبد الكريم في بداية كتابها أن مصطفى محمود "دائمًا يحفظ المسافة بينه وبين أقرب الناس إليه، إنه يصفعك بنظرةٍ ويربت على كتفك بيدٍ حانية

ومن فَضْلِ هذا الكتاب أنه جمع المقالات التي كتبها ونشرها مصطفى محمود في مجلة "الشموع" إذْ كانت الدكتورة لوتس عبد الكريم حريصةً على أن تستكتبه مع رموز الفكر والأدب والفلسفة والفن والدين الذين كانوا ينشرون في "الشُّموع" وقتذاك.

وتسرد لوتس عبد الكريم تفاصيل تلك الصداقة الأسرية مارّةً بزواجه وطلاقه وشقيقته زكية، وعلاقته بأنور السادات الذي كان صديقًا حميمًا له ومقتربًا منه، ومفهوم مصطفى محمود للزواج والمرأة بشكلٍ عام "لن تحتمل زواجي أية امرأة".

كما تتناول المؤلفة وجوه مصطفى محمود العديدة ومنها: الفَنَّان، الصوفيُّ، السياسيُّ الماركسيُّ، الفيلسوف، المحبُّ، العَاِلمُ، الأديب، إذ تراه شخصيةً نادرةً لا تتكرر قائلةً: "هو رفيق مشوار ثقافيٍّ على مدى عشرين عامًا من العلم والمعرفة والفن والدين والأخلاق أعانني على كثيرٍ من الصعوبات في حياتي".

وفي فصل عنوانه "مصطفى محمود الشَّاعر" تقدِّم الدكتورة لوتس عبد الكريم كشفًا أدبيًّا، إِذْ تَنْشُرُ قصيدةً لمصطفى محمود عنوانها "السُّؤال" مشيرةً إلى أن مصطفى محمود كتب القصة القصيرة والرواية والمسرحية والمقالة والسيناريو، ولم يُعْرَف عنه أنه كان شاعرًا، مستدركةً "غير أن كتابته السردية تحفل بالشعرية العالية، والحس الراقي في كتابة الجملة، وهذا ما طبع كتابته بالعمق اللغوي والحفز الدائم للبحث عن لغة خاصة به". وقد أثبتت المؤلفة نص القصيدة في كتابها داعيةً إلى البحث في تراث مصطفى محمود – وهو كثير ومتنوع – للكشف عن الشاعر فيه، وننشر هنا النص الذي كشفته الدكتورة لوتس عبد الكريم:

السُّؤال:

يا صـاحبي ما آخر الترحـال

وأين ما مضى من سالف الليال

أين الصباح وأين رنة الضحـك

ذابـــــــــــت...؟ كـأنها رسمٌ على المـــاءِ

أو نقــشٌ علــى الرمـالْ

كــأنَّها لــم تكـــــنْ..كأنَّهــا خيــــــــالْ

أَيَقْتُلُ الناسُ بَعْضُهُـم بعضـَا علـى خيـــــــــالْ..على متـــاعٍ كُلُّــه زوالْ

على مسلسلِ الأيام والليــالْ

في شاشةِ الوهمِ ومرآةِ المُحْالْ

إلهي يا خالقَ الوجدِ...من نكون؟

من نحن.. من همو.. ومن أنا

وما الـذي يجـــري أمامنا

وما الزمـانُ والوجودُ والفَنَـا

وما الخلَقُ والأكـوانُ والدُّنَـى

وَمَـنْ هُنـاك.. مَـنْ هُنَــا

أصــابني البَهْتُ والجنــونُ

ما عـــــــــدتُ أدري وما عــاد يُعَبِّر المقـــالْ.

رحم الله الدكتور مصطفى محمود..وما احوجنا الى مصطفى محمود اليوم..لكنه باق بعلمه وما خلفه من تراث.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟