للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...عظماء التاريخ" عندما تولد الموهبة من رحم المأساة "

كلمتين ونص...عظماء التاريخ" عندما تولد الموهبة من رحم المأساة "

الكاتب : عثمان علام |

04:07 am 13/02/2018

| رئيس التحرير

| 1411


أقرأ أيضا: Test

عثمان علام:

دائماً المنحة تولد من رحم المحنة، وليس هناك عظيم في التاريخ بما في ذلك سيد البشر النبي محمد، ولد وفي فمه ملعقة من ذهب، لقد عانى المبدعون في كل المجالات في بداياتهم، حتى ظهرت إبداعاتهم تملأ الدنيا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وعجز التاريخ أن يقبرها كما أقبر أشياء كثيرة...بل إنه لم تظهر إبداعات قصصية أو مؤلفات فكرية أو اختراعات علمية أثرت الحياة العامة إلا من أولئك الذين عانوا وعاشوا مآسي في حياتهم، وحتى الذين ظهرت موهبتهم في الشعر والأدب من أبناء الطبقات الارستقراطية في كل العصور، أنما جاءت لتعبر عن مأساة عاشوها في وقت ما...لقد قذفت الحياة المأسوية بفلذات أكبادها من العباقرة، فشكلوا الوجدان وهذبوا الذوق، ووضعوا أسس مكارم الأخلاق.

لقد أفاض علينا التاريخ بقصص كثيرة لهؤلاء الذين عانوا، سواءً في مصر أو في بلدان أخرى، فلا أحد ينسى عميد الأدب العربى طه حسين الذي ولد فقيراً، وتحول إلى أحد أشهر الكتاب والمفكرين فى القرن العشرين، ومن أبرز رموز حركة النهضة والحداثة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لقد آمن بحرية التعليم وأهميته وأصبح وزيرًا للمعارف ونال جائزة الأمم المتحدة...وهاهو محمود عباس العقاد الأديب والشاعر وأحد أقطاب الفكر والأدب فى العالم العربى فى عصره، لقد ولد بأسوان، ونشأ فى أسرة فقيرة متدينة فى بيت ريفى قديم وتلقى مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم فى كُتَّاب القرية، ولما بلغ السابعة من عمره ألحقه والده بمدرسة أسوان الابتدائية، وبين جدرانها ظهرت عليه علامات النبوغ... والشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودى" ولد لعائلة فقيرة فى قرية أبنود في الصعيد، قريته التى جاء محملاً بتاريخها وتراثها ولسانها الصعيدى شديد التعقيد، وظل مخلصا شكلاً ومضموناً لانتمائه الجنوبى، محافظاً عليه وموقناً أنها جزء صغير من قومية عربية، دافع عنها بإبداعه ومواقفه، وكتب الأبنودى أجمل ما أنتجت الساحة الفنية طوال عقود من أغانٍ، وصدحت بكلماته أجمل الأصوات فى العالم العربى.

بل إن دونالد ترامب رجل العقارات الأول فى أمريكا ورئيسها الحالي كانت وظيفته الأولى هى تحصيل الإيجارات وكان يساعد أخيه فى جمع الزجاجات من القمامة لبيعها...وأنجيلا ميركل، المستشارة الألمانية الحالية والسياسية وزعيمة الاتحاد الديمقراطى المسيحى أحد أبرز الأحزاب السياسية فى ألمانيا، وهى أول امرأة تتولى هذا المنصب، لم تولد وفى فمها ملعقة من ذهب.. لقد كانت هذه المرأة، تعمل نادلة فى حانة ليلية، عندما كانت تدرس الفيزياء، بجامعة كارل ماركس فى ألمانيا الشرقية.

بل إن العالِم الكبير "جان جاك روسو"، صاحب كتاب العقد الاجتماعى ولِد فى عائلة معوزة، وعاش فقيرًا، فأبوه كان عامل ساعات لا أكثر، لكن روسو أصبح أحد أهم فلاسفة القرن الثامن عشر، ومنظر عصر التنوير، الذى مهد لقيام النهضة الأوروبية...وتوماس إديسون مخترع المصباح الكهربائى ولد فقيراً فى مدينة ميلان، وكان لديه مشاكل فى السمع ولما كبر أصبح أصماً، فعمل على التلغراف فى بدايته...وهنرى فورد مؤسس شركة فورد للسيارات عمل فلاحاً فى بداية حياته بعد أن ترك المدرسة وهو فى الخامسة عشر من العمر، وأدولف هتلر الزعيم النازى، بدأ حياته العملية ليس فى مجال السياسة وإنما كرجل بريد،

بل إن الخليفة الذي لم تعرف الدنيا من هو في عدله حتى الآن عمر بن الخطاب، تحقق عدله بعد مأساته في رعاية إبل والده، لقد نظر إليها وهي ترعى في الصحراء ممتطيا ناقته وبكى، فقال من حوله ما الذي يبكيك يا أمير المؤمنين؟، قال تذكرت موقفي هنا وأنا أرعى إبل ابن الخطاب، فكان ينهرني إذا عملت ويضربني إذا قصرت، والآن صرت ليس بيني وبين الله أحد...بل إن حياة محمد عليه السلام الذي بدأت بموت أبيه قبل أن يراه، وموت أمه بعد ولادته، كانت خير مثال للتأكيد على أن الذين أثروا في البشرية كانت حياتهم أشد مأسويةً في صغرهم، وحياة عيسى عليه السلام بدأت بعمله نجاراً في أرض الجليل.

وعلينا قراءة تاريخ تلك الأمم التي لم يكن لها حضارة، إنها الدول الأكثر قوةً وأعلى اقتصاداً في العالم، بينما أصحاب التاريخ والحضارة لم يعد لهم نصيب منها.

كل ذلك ليذكرني بمشهد أبن العمدة، ذلك الفتى المدلل الوارث عن والده مئات الأفندة، لقد ظل يعبث باللهو واللعب، حتى أضاع كل ما يملك، لكنه ظل متشبساً بمقولة" أنا ابن العمدة"، بينما أقرانه يثيرهم مشهده فيشفقون عليه من غدر غباءه والزمان.

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟