زمان كنا نسجل حاضرنا في صورة..نعيش عليها سنين طويلة..ننظر فيها ونتفحص تفاصيلها لنسترجع ذكريات كانت بالأمس حاضرا..ذكريات كانت تدفعنا إلى التقوي على الحاضر ومعايشته وتحمل صعابه.
اليوم نسجل حاضرنا بآلاف الصور والفيديوهات..وتطل علينا التكنولوجيا الحديثة لترينا مستقبلنا..فنعيش حالة صراع دائمة بين هذا المثلث الصعب" الماضي والحاضر والمستقبل"،-فلا نستمتع بالحاضر ولا نشعر بالمستقبل، وتموت فينا الذكريات..ودائماً أذكر نفسي بذلك الماضي بحلوه ومره..بخيره وبشره..فلا أملك ماهو أفضل منه.. فصراعات الحاضر تطفئ بداخلي كل جميل..ومفاجآت المستقبل تجعلني عاجزاً عن مسايرته أو الإستعداد له..لقد فسد كل شيئ داخلنا..وأصبحنا حبة أشباح تتحرك على الأرض..نركب السيارات ونذهب للعمل وندخل المحال ونتسوق..نأكل ونشرب ونتصارع ونكره بعضنا، ننام ونستيقظ..ندبر المكائد..يريد كلاً منا أن يزيح الآخر من طريقه..وفي النهاية لا شيئ.. إنه عالم عبثي..عالم مجنون ذلك الذي يتمسك ويقاتل على أشياء مابين لحظة وأخرى تتحول لماضي..شوية ذكريات أليمة.
هل لايزال فينا من يذكر حبه لبنت الجيران!..وهل لايزال فينا من يذكر أقرانه في الطفولة!..وهل لايزال فينا من يذكر أول سيارة أشتراها وكانت حلم له!..وهل لايزال فينا من يذكر جمال الريف!..وهل لايزال فينا من يسمع أم كلثوم وعبدالحليم وميادة وفايزة وشادية وعبدالوهاب وفريد ومحرم ؟
أشياء كثيرة راحت وتاهت وسط زحمة الحياة ..الحياة التي أستعبدتنا وجعلتنا نلهث خلفها..نقطع أراحمنا ونتخلى عن كل ماهو جميل حولنا لو نظرنا قليلاً إليه..حياة جعلتنا نودع الوسادة صباحاً لنعود إليها في المساء..إستعداداً للعودة إليها مرةً أخرى..انها الوسادة الخالية دوماً..حياة لا يبقى منها سوى شوية ذكريات..اننا نحكي عنها ونحن نعيشها وكأنها قصة حب فات
