عثمان علام
غاب القمر يابن عمي يله روحني...شباكنا ستايره حرير..ست الحبايب، وغير هذه الأغاني مئات مما يزخر به سجل فؤادة، أثرت به التراث الغنائي المصري والعربي، ثم أعتزلت الفن وأرتدت الحجاب، لتظل محتفظة بتلك الصورة المفعمة بالحيوية والرقة في ذاكرة الأمة.
ويروي الشاعر الغنائي صلاح فايز قصة إعتزال الفنانة شادية ، قائلا: «الشاعرة عالية الجعار كتبت أغنية خذ بإيدي للمطربة شادية، وكانت تلك بداية رحلة السير في طريق الاعتزال، وأصطحبت الشاعرة عالية الجعار شادية وياسمين الخيام وعرفتهما على الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي،وروت أن شادية قالت: كان نفسي يبقي عندي أولاد ولكن لم يحدث ذلك، وأنها كانت تفقد الجنين في الشهور الأولى من حملها، وكان ذلك أحد أسباب تقرب شادية إلى الله والاعتزال.
ومن ضمن ماروي أنها عندما ذهبت للشيخ الشعراوي تشكو له رفض طلبها بسحب أعمالها الفنية، لأنها تراها خروجاً وقد أعتزلت، فقال لها: ستكون في ميزان حسناتك، والله تعالى قال: إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً، فأولئك يبدل الله سيأتهم حسنات"،- وأطمئنت شادية لكلام الشيخ الشعراوي، وراحت تسعى لعمل الخير، وعندما بدأ الدكتور مصطفى محمود في إنشاء المشروعات الخيرية، كانت يدها معه في كل شيئ.
وشادية هي حالة فريدة ومتفردة، لا يمكن تكرارها ولا تشبيهها بأحد، لا صوتاً ولا أداءاً، فمن الممكن أن تترك نجاة لتستمع إلى فايزة، وتترك عبدالحليم لتستمع لمحمد رشدي، لكنك إذا تركت شادية وأستمعت لغيرها، يتغير مزاجك وتختلف طبيعة السماع.
ويعتبر النقاد الفنيون أغاني شادية الوطنية من أفضل ما قُدم للتراث الوطني، لأنها لم تفرق بين الحالة العاطفية التي كانت تعيشها في أغاني الحب والعشق، والحالة التي تعيشها وهي تغني لمصر، ومن يستمع لأغاني شادية الوطنية حتماً يعيش حالة من العشق.
رحم الله شادية، وجعل كل أعمالها في ميزان حسناتها، وكما أسعدت الملايين في حياتها أسعدها الله في أخرتها.
