لم يكن الشاعر أحمد رامي هو فقط من أحب وعشق وذاب في أم كلثوم، بليغ حمدي أيضاً عشق وأحب وذاب عشقاً في المطربة الجزائرية ورده، ولعل هذا ما أشعل ثورة محمد حمزة فكتب لها أغنية" أد أغاني الصبر بحبك"، و أغنية" العيون السود".
ولم يكن أحد يتصور أن كل هذا الحب بين وحش الموسيقى وعملاقة الغناء قد يقضي عليه الزواج، فمن يستطيع أن ينسى أغنية "حنين" و"لو سألوك " و"حكايتي مع الزمان" و "وحشتوني" و"اسمعوني" و "ولاد الحلال"، فكلها من صنيعة بليغ حمدي.
وقد أعترفت وردة أن السر وراء نجاحها هو تجانس الحب مع الفن، ف"رامي" لو لم يعشق أم كلثوم ما كتب لها أجمل الكلمات وأبهاها والتي زلزلت كيان العشاق.
في إحدى اللقاءات التليفزيونية أعترفت وردة بأنها وقعت في حب بليغ من أول لحن سمعته له، وكانت في السادسة عشر من عمرها، فعندما دخلت السينما في دمشق لتشاهد فيلم لعبد الحليم حافظ "الوسادة الخالية"، واستمعت إلى أغنية تخونوه، وكانت من لحن بليغ، وجدت قلبها يهفو للحن أكثر من صوت "العندليب"، وتعترف أنها رسمت في خيالها صورة للملحن بليغ حمدي، وتمنت أن تصبح زوجة له، فوقعت وردة في غرام بليغ قبل أن تراه.
وفي أوائل الستينيات جاءت وردة إلى القاهرة، لكي تحقق حلمها بدخول الوسط الغنائي، والتقت بالفنان محمد فوزي، الذي أكتشف بليغ حمدي، وقام بدعوتها لمنزله، لتجمعها الصدفة بفتى الأحلام بليغ حمدي الذي تنتظره كل ليله يأتي إليها حامل عوده الذهبي.
وأعترف بليغ حمدي أنه وقع في حب وردة منذ أن رأها في بيت محمد فوزي، بعدها شكلا معاً الثنائي المبدع، وقدم لها أول ماقدم ألحان فيلم "ألمظ وعبده الحمولي"،التى ما زالت باقية في أذهاناً جميعاً رغم مرور عشرات السنين عليها.
بعدها بفترة وجيزة طلب بليغ الزواج بوردة، لكن والدها رفض أن ترتبط فتاته بفنان، فقد كان كارهاً للوسط الفني الذي دخلته إبنته رغمً عنه، وأجبر الأب ابنته على الزواج من رجل جزائري كان يعمل بمجال السياسة وله مكانة مرموقة هناك، ومنعها زواجها من الغناء لمدة 4 سنوات.
وعلى رأي من قال: "هيروح فين الواحد من أيامه"، فبعد فترة جمعت الصدفة مرة أخرى بين وردة وبليغ حبيبها ومعشوقها حتى قبل أن تراه، فقد كان في رحلة للجزائر لحضور الإحتفال بعيد الإستقلال، وأقنع وردة بغناء النشيد، بعدها طلبت الطلاق من زوجها لكي تعود إلى الغناء مرةً أخرى، وفي هذا اللقاء كانت دعوات بليغ متضرعاً إلى الله أن لا تتركه وردة مرة أخرى، فطلب منها العودة إلى مصر.
وفي عام 1973 تزوجت وردة من بليغ حمدي، وأستمر زواجها لمدة 6 سنوات، لينفصلا بعدها، فقد شعر كلاً منهما أن الزواج كفيل بأن يكتب نهاية أي قصة حب مهما كانت درجاته، وهذا ما قاله أنيس منصور ،أن الرجال يفضلون الحب على الزواج، لأن القصص أمتع من كتب التاريخ، وأعترفت وردة نفسها أن بليغ كان حبيب رائع ولكنه زوج فاشل.
ولم يمت الحب في قلب بليغ، لكنه أتبع أسلوب إشعال الغيرة في قلب حبيبته حتى تعود إليه، واستغل ألحانه في ذلك، فلحن لأم كلثوم أغنية" بعيد عنك" التي كتبها الشاعر مأمون الشناوي، وعندما قرأت أم كلثوم الكلمات قالت لبليغ"أنت بتستخدمني كوبري" عشان توصل"لوردة".
وقد بررت وردة سبب إنفصالها عن بليغ، بأنه كان كائن لا يطاق، فهو كعاشق لا يباريه أحد في عشقه، كما لا يباريه أحد في فشله كزوج، فهو لم يقف معها أثناء مرضها، كما أنه رفض أن يلحن لها أغنية" مش عوايدك"، ولحنها للمطربة ميادة الحناوي.
وما لا يدرك كله لا يترك كله، فعلى الرغم من إنفصال العاشقان، إلا أنهما ظلا صديقين حتى وفاة بليغ، وسبحان الله تحسنت العلاقة بينهما بعد الطلاق، فلم يعد بإمكانها أن تحاسبه على تأخيره ولا وقت نومه ولا الأستيقاظ منه، ولا أين يبات ولا متى يأكل.
وقد تكررت قصة حب وردة وبليغ في حياة الكثيرين، وبنفس السيناريو، ومن يتتبع حالات زواج وطلاق العديد من الفنانين يرى أنها كانت تنتهي نفس النهاية، فالفنانة فايزة أحمد أنتهت قصتها مع محمد سلطان بنفس النهاية.
غير أن هذا ليس هو المنهج المتبع في حياة الناس، فقد ظل عشق نور الشريف وبوسي للنهاية وزواج دلال عبدالعزيز وسمير غانم، وكثيراً من قصص الحب الفنية وغيرها عاشت للنهايات، لكن يبدو أن من يغني للحب ومن يكتب ويلحن له يحتاج لتجديد دماء العشق، حتى وإن كلفهم ذلك تعاسةً في بقية العمر.
ويذهب الجميع وتبقى الألحان والكلمات، وهاهي كلمات أغنية حنين:
حنين .. حنين .. حنين أنا دايبة فيك حنين
و الغربة توهتنى لكن ما غربتنى عنك طول السنين..شايلاك فى نن عيني يا عينى..واللى بينك و بينى أشواق كل الأحِبّة..وحنين المحرومين يا عيني
وحنين المحرومين آه يانا م الحنين
لو حد بينسى روحه أنا كنت نسيت هواك
لو قلب بينسى حبه أنسى الحياة معاك
يا زماني و الأماني آه ياللى مالكش تانى
ويا حبى الأولاني
شايلاك فى نن عيني يا عينى
واللى بينك و بينى أشواق كل الأحِبّة
وحنين المحرومين يا عيني
وحنين المحرومين آه يانا م الحنين
يا أعز وأغلى حب..لفيت الدنيا بعدك مالقتش فيها قلب..يا كل ما بتمنى
