10:32 am 04/02/2023
| 2687
أي حديث عن إنجازات أي شخص ، لابد وأن يوضع في سياقه الصحيح و وقته الصحيح ، وأن تستحضر الظروف والملابسات والتحديات والمعوقات في ذهنك وأنت تتحدث وأنت تكتب ، حتى تكون قادراً على الحكم عليه وعلى ما قدم ، حكماً منصفاً غير مجحف ولا مجامل ، لأن التقييم المرتبط بحقبة زمنية محددة دون ذكر تداعياتها وتحدياتها أو دون ذكر مردودها على الأجيال القادمة قد يظلم الأشخاص ويشوه الصورة التي يجب أن يكونوا داخل إطارها ، ولتكن مؤمناً بأنه : من كان منكم بلا خطيئة فليرمه بحجر .
ولهذا أسأل : ماذا سكتب أو تقول عندما يُطلب منك تقييم تجربة المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية ؟، وهل هناك نجاح على الإطلاق ، أو إخفاق على الإطلاق ؟
——————————————-
أنا مثلاً سأكتب ، أن المهندس طارق الملا ، وزير جاء في ظروف صعبه ، تداعيات 2011 وما تبعها ، لحقت به وهو وزيراً للبترول والتعدين ، واضعاً أمام عيني ما كانت تعانيه الدولة المصرية من نقص فى الغاز والمواد البترولية ، ثم مرت سنوات معدودة ، وجاءت تداعيات كورونا ، ثم الحرب الروسية -الأوكرانية ….يا سيدي أنت لا يمكن أن تكون حكماً ، إلا إذا استحضرت الماضي وربطته بالحاضر وعرفت ماذا سيكون عليه المستقبل .
ما ذكرته سابقاً ، مقدمة استهلالية لابد منها ، حتى يستطيع من يطالع المقال الحكم على الرجل وعلى جهوده ومنجزاته فى القطاع بكل إنصاف ودون تحيز ودون مقارنة بها رعونة لعهود سابقة .
————————————-
أما ماذا قدم المهندس طارق الملا لقطاع البترول ، فاذكر بعضاً منها وليس جميعها ، كرمز استدلالي وليس حصراً لما حدث ، حتى لا ينفلت الأمر ويتوه القارئ ، فهذا مقال وليس ورقة بحثية :-
1- توسيع عمليات البحث والاستكشاف وإنتاج البترول ، وذلك بعد سنوات طويلة من التناقص الطبيعي للآبار وعدم حفر آبار تنموية واستكشافية ، ودخول شركاء جدد عملوا على زيادة الإنتاج بشكل متوازن حتى لا تتعرض الآبار لتجريف كما حدث فى السابق .
2- زيادة إنتاج الغاز الطبيعي ليصل ل 8 مليار قدم مكعب يومياً ، بعد أن وصل لأقل من مليار قدم مكعب غاز يومياً ، وهو ما كبد الدولة المصرية "متمثلة فى قطاع البترول"، اللجوء للاستيراد من الخارج ودفع مليارات الدولارات .
3- بعد أن زادت كميات الغاز المستخرجة ، قامت وزارة البترول بالتصدير للخارج ، وجلب عملة أجنبية للخزانة العامة للدولة .
4- تشغيل مصانع الإسالة بعد توقفها لسنوات طويلة ، وتعظيم القيمة منها ومن الغاز المُنتج ، ولأول مرة يحدث أن تعظم وزارة البترول القيمة المضافة من الغاز الطبيعي .
5- تدشين منتدى غاز المتوسط بعد تدفق الغاز ، وأصبح قطاع البترول المصري هو المحور الهام بالنسبة لدول المنطقة في ما يتعلق بالغاز الطبيعي ، وهذا أعطى أهمية استراتيجية لمصر ولقطاع البترول .
6- تدشين جهاز تنظيم سوق الغاز في مصر ، لتكون مصر الدولة الرابعة عالمياً بين الدول التي لديها جهاز ينظم سوق الغاز ، إنتاجاً واستيراداً وتصديراً .
7- توصيل الغاز الطبيعي لمليون و250 ألف عميل سنوياً ، حتى بلغ عدد العملاء الذين تم التوصيل لهم في 6 سنوات ضعف عدد العملاء الذين وصل اليهم الغاز في 40 عام مرتين .
8- زيادة نسبة تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي ، لتتضاعف نسبة السيارات المحولة في 6 سنوات وعدد المحطات ومراكز التحويل ، 4 أضعاف النسبة المحولة والمحطات المنشأة في 26 عام .
9- تراجع الدعم المقدم للبوتاجاز نتيجة عمليات توصيل الغاز الطبيعي بنسبة %50 وهذا ما يعني اقتراب مصر من عدم الاستيراد من الخارج لسلعة البوتاجاز .
10- المشاركة في برنامج حياة كريمة ، ليصل الغاز الطبيعي للقرى والنجوع والعزب ، لأول مرة في التاريخ منذ دخول الغاز الطبيعي قبل 50 سنة .
هذا تبع إنتاج حقل ظهر وطرح الشركة القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، عشرات المناطق لاستخراج الغاز الطبيعي ودخول كبريات الشركات العالمية فى المزايدات التي تم طرحها .
معامل التكرير :-
———————
1- تم تطوير معامل : النصر للبترول والسويس والاسكندرية والعامرية وأسيوط ، وتم توسعة معمل ميدور وأسيوط لتكرير البترول ، وتدشين شركة أنوبك لتحقيق الأكتفاء الذاتي في صعيد مصر ، وتشغيل معمل الشركة المصرية للتكرير .
البتروكيماويات:-
——————-
1- تم افتتاح مصنع شركة ايثيدكو وتوسعة مصنع سيدبك ، ووضع حجر الأساس لمشروع البحر الأحمر للبتروكيماويات ، ومشروع العلمين ومشروع pls ، ومشروع شركة السويس لمشتقات الميثانول ، ومشروع تكنولوجيا الأخشاب ، ومشروع الايثانول الحيوي .
2- بلغ إجمالي صادرات مصر من البتروكيماويات حتى نهاية عام 2022 اكثر من 8 مليار دولار .
تطوير وتحديث القطاع :-
——————————-
1- تم وضع لائحة موحدة لترقية العاملين ، والقضاء على الترهل الوظيفي الذي اعترى الشركات ، وخلق فرص عمل حقيقية بديلاً للبطالة المقنعة .
2- تدريب كافة الكوادر بدءًا من قيادات الصف الأول ونزولاً بالموظفين الذين يتم اعدادهم لتولي القيادة .
3- تطوير منظومة السلامة والصحة المهنية وجعل الحصول على الدورات التدريبية في هذا المجال شرطاً للترقي .
4- الدفع بأكبر عدد من القيادات الشابة في صدارة الشركات ، ولأول مرة تجد أكثر من 45 رئيس شركة ونائب دون سن ال 50 ، بالإضافة الى عشرات الشباب في الوطائف القيادية المختلفة .
5- دمج عدد من الشركات ذات النشاط الواحد لتعظيم القيمة منها وتوفيراً للنفقات وتنظيماً للعمل ليكون أكثر فاعلية .
6- إضافة مناطق أمتياز جديدة لهيئة البترول ، ليكون الزيت المستخرج مملوك ملكية خالصة للهيئة دون الاقتسام مع الشركاء ، ولتكرار تجربة الشركة العامة للبترول .
7- تعظيم الاستفادة القصوى من العاملين الموجودين بشركات تراجع نشاطها ، ونقلهم لشركات أخرى لخلق فرص عمل حقيقية .
8- استحواذ القطاع على العديد من الشركات لتصبح مملوكة للقطاع خالصة مثل: البحرينية والحفر المصرية وأنربك .
8- الدفع بالمرأة لتولي القيادة ، ولأول مرة تتولى %35 من السيدات مناصب قيادية .
الثروة المعدنية:-
1- تطوير هيئة الثروة المعدنية ، ثالث أقدم هيئة تعدين فى العالم ، وعقد دورات تدريبية للعاملين فيها ، بعد عشرات السنين من الإهمال والتراخي .
2- طرح مناطق جديدة للاستثمار فى مجال التعدين ، واستقدام كبريات الشركات العالمية العاملة في هذا المجال .
3- مساهمة هيئة الثروة المعدنية في عهد المهندس طارق الملا ، في الدخل القومي بنسبة %4 بدلاً من %1 على مدى عقود طويلة .
——————————————-
تحويل مصر لمركز اقليمي لتداول الطاقة فى المنطقة:-
وبما سبق وغيره مما نسيه القلم ، كان لابد من المعطيات ، هذه المعطيات نتج عنها تحويل مصر لمركز إقليمي لتداول الطاقة فى المنطقة ، فبعد أن طورت معامل التكرير وتوسعت فيها ، وبعد تشغيل مصانع الاسالة وزيادة إنتاج الغاز وارتفاع مشروعات البتروكيماويات ، وتوسعة مواني سوميد وانشاء جهاز تنظيم الغاز وتدشين منتدى غاز المتوسط ، وتوسعة مجمع غازات الصحراء الغربيك ، بعد كل هذا وغيره ، جاءت الثمرة الحقيقية ، لتكون مصر مركزاً اقليمياً لتداول الطاقة فى المنطقة .
نظرة طارق الملا نفسه للقطاع:-
—————————————
والحقيقة أن المهندس طارق الملا نفسه ، لا يسمي هذه إنجازات بقدر ماهي خطوات متتالية لتنفيذ استراتيجية وضعها هو بعد توليه الوزارة بأشهر بسيطة قضاها في التعرف على مشاكل القطاع ، فإذا سألته عن كل خطوة من الخطوات ( اي انجاز من الانجازات ) ستجد الاجابة : كان لابد من دخول شركاء جدد وزيادة الاستكشافات للوصول الي الاكتفاء والتصدير ، ولهذا تم تطوير معامل التكرير وكان لابد من انشاء وزيادة المستودعات وتنوعها جغرافيا وكان لابد من تشغيل مصانع الاسالة وتجهيز محطات الاسالة العائمة…وهكذا !
فما نسميه إنجازات هو بالفعل كذلك ، ولكن قيمة الإنجاز تتعاظم عندما تجد أن كل انجاز منها يدل على ان هذا القطاع يقوده رجل علم بمشاكل القطاع وبما تحتاجه مصر من هذا القطاع فوضع خطة ( اي استراتيجية ) لتحقيق ذلك فتفاجأ بأن ماتسميه إنجاز هو خطوة مقدر لها سلفًا لتكون حلقة ضمن سلسلة طويلة تقود إلى الهدف
ثم يأتي السؤال أخيراً :
ماذا لو كانت الأمور مستقرة ، فلا ثورات ولا كورونا ولا حرب روسية أوكرانية ، وماذا لو لم يكن القطاع بهذا الشكل الذي كان عليه قبل عشر سنوات ؟
اعتقد أن هذه الإنجازات التي تمت على يد المهندس طارق الملا وبسواعد رجال القطاع ، كان سيكون لها مردود عشرة أضعاف مردودها الآن ، ولهذا إذا كان من حكم على الرجل ، فعلينا أن نذكر التحديات التي واجهته ، ثم نذكر كيف أنه حارب وجاهد في ظل كل هذا ليكون القطاع بهذا الشكل الذي نحكي عنه .
وعلى كل منصف يريد أن يقول كلمة لوجه الله : لا تقارن أحد بأحد ، ولكن قارن الظروف بالظروف ، التحديات بالتحديات ، المعوقات بالمعوقات ، الإنجازات بالإنجازات ، ساعتها ستعرف ماذا قدم هذا وماذا قدم ذاك .
#عثمان_علام #حكاوي_علام