الكاتب : عثمان علام |
06:50 pm 19/03/2022
| 2623
كلمتين ونص…حياة بلا وفاء
ظاهرة الانتظار ، يتفاعل الكثيرون معها ، وعلى كافة المستويات ، فلو أن حفلاً دُعي اليه رجل مهم ، تجد الجميع فى انتظاره ، ولو دعي اليه رئيس مؤسسة أو هيئة أو شركة ، تجده أخر من يحضر والكل فى انتظاره ، ولو دُعي وزير في حفل ، تجد الصغير والكبير فى انتظاره ، ويتلكأ الجميع في إنهاء الحفل أو الندوة انتظاراً لحضوره ، فحضوره تبجيل وتشريف وأكثر منه مباهاة ومنظرة "انتظار صاحب السعادة".
وفي مناسبات عدة ، أرى مسئولين سابقين، كان الجميع يقف فى انتظارهم وكأنهم يقفون على موقد من اللهب ، واليوم لا يبالي أحد بحضورهم ولا بموكبهم الذي اضحى بسيطاً متواضعاً ، فلا حرس ولا ابهة ولا سائق يفتح الباب ، وإن وجد فيكون بمفرده ، بينما الجميع وأصحاب سلطة الأمس ينتظرون صاحب سلطة اليوم ، وذاكرتهم قد محت أيام سطوتهم ، ربما لأن اغلبهم ينشد مصلحة أو عملاً ، وقليلاً من ينشد المودة والحب .
وهي الأيام ، تدور وتدور ، ومن كان بالأمس وزيراً ، اصبح اليوم بلا سلطة ولا وزارة ولا كرسي .
ويعجبني ويثلج صدر ، الأشخاص الذين يدشنون مناسبة ، او يعقدون مؤتمر او يقيمون ندوة ، ويدعون اليها كل صاحب فكر او كل معلم او كل صاحب وصديق ، دون النظر الى موقعه أو كيف هو الآن ، بينما امقت أولئك الأشخاص الذين يدعون لمناسباتهم "اياً كانت"، أصحاب النفوذ والسلطة والمصلحة ، لأن ذلك يعني إنعدام الوفاء ، وتأصيل مبدأ قلة الأصل .
ولا شك أن الدائرة الضيقة التي ندور حولها بها نقطة التقاء ، وفاصل يأتي، كلاً منا يقف ويتسمر امامه ولا يتحرك ، وأغلب الناس لا يعملون لذلك حساب ، وتعقيدات الحياة وسطوتها والبحث عن متاعها تنسيهم هذه النقطة ، ربما ظناً منهم أنها لن تقف عندهم ، وربما اعمتهم الحياة فوضعتهم موضعاً يسيئ لهم في ختام رحلتهم .
لقد رأيت كثيرون لا يدعون لمناسباتهم إلا من يفيدهم ويجلب لهم الهداياً ، بينما القلة ، تدعو الأصحاب والخلان والأصدقاء وأصحاب الفضل ، وما بين هذا وذاك تدور الدائرة الضيقة ، والفطن هو من يدرك ذلك ، ويعلم أن الكل ذاهب ومنسي ، ولن يبقى منه سوى كلمة يجريها الله على لسان من كانوا حوله ، إن كانت خيراً فخير ، وإن كانت شراً فشر .