للاعلان

Sat,23 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص…انبهار ليلة الدخلة

كلمتين ونص…انبهار ليلة الدخلة

الكاتب : عثمان علام |

02:02 am 28/09/2021

| رئيس التحرير

| 4098


أقرأ أيضا: Test

 


تربية البنات أدق وتربية الصبيان أشق ، فأحسن في تربية الأدق يُحسن إليك في تربية الأشق …هذا مقولة تفسر لنا لماذا تنتشر ظاهرة الطلاق المبكر .


لو سألت شاب أو فتاة : لماذا طلقت أو طُلقتي مبكراً ؟..لن يستطيعا الإثنان الرد عليك ، هما لا يعرفان أصلاً لماذا تزوجا وكيف تزوجا وبمن تزوجا وكيف طُلقا .


فى السابق ، كانت البنت تظل بجوار والدتها فى المطبخ ، لا تبرحه طالما أن هناك إعداد لمائدة الطعام صباحاً وظهراً ومساءً ، وكانت تعرف أم العريس أول ما تعرفه ، هل العروسة تجيد طهي الطعام أم لا ، وفى المقابل ، كان الصبي يلازم والده في أعماله ، يتقلد بتقاليده ، يعمل عمله ، متعود على رعاية البيت في غياب الأب ، يعرف أصول العائلة والمنزل ، يرى كيف يعامل والده شقيقته إذا جاءت غاضبةً من زوجها ..كل هذا كان زمان ، أم الآن فلم يعد هذا الصنف موجود .


كلما ساقتني قدماي إلى مقهى ما أو كوفي شوب بالمعنى المتعارف عليه الآن ، أجد مجموعات من البنات يدخن الشيشة ويتناولن الوجبات الجاهزة ، ويرتدين الملابس شبه العارية ، تنظر إليهن لا تشعر أن لديهن ما يشغلهن سوى 
الفرجة على اليوتيوب وتصفح الفيس ومعرفة أخبار الموضة .


فى المصايف ، أثار اهتمامي وأنا أجلس بجوار زوجتي على أحد الكافيهات ، منظر الفتيات "الأندر إيدج"، أو تحت السن ، البنت فارعة الطول ممشوقة القوام لها قد مياس ، ترتدي نصف ملابس فوقية ونصف ملابس تحتيه ، لا أعرف إسم هذا النوع من الملابس الذي يظهر ثلاثة أرباع البطن ونصف الصدر ، وثلاثة أرباع الساقين ، ومنهن من ترتدي الشورت القصير "أنتم تعرفون جيداً هذا المنظر "،..أتسأل مع زوجتي ، وهل هؤلاء الفتيات في مقدورهن أن يتحملن مسئولية ويفتحن بيت ؟ ، هل هذه الفتاة مناسبة للزواج من إبني الذي اعنفه بشدة عندما يقص شعره بشكل غير مناسب ، واعنفه صباحاً ومساء حتى يحافظ على الصلاة في المسجد أو الكنيسة ؟

الجواب غالباً ما يأتي: هو دا الموجود ، وكل واحد وحظه ، وأكيد هناك شباب يشبهون هؤلاء الفتيات .

فى المقابل أنت تشاهد مجموعات من الشباب ، يرتدون البنطلونات المقطعة والمهربدة ، والعديد من السلاسل وحظظات اليد وأحذية لا أعرف نوعها ولا مركاتها ولا من أين جاءت ، يدخنون كل أنواع التبغ ومنهم من يشرب الحشيش وغيره ، أولياء أمورهم فى الغالب معروفون فى المجتمع ، ليسوا من البسطاء ولا الفقراء ولا من أصحاب العوز ، هؤلاء أشبه بالفتيات اللاتي لا يحملن للدنيا هم .

رأيت الحفلات الصاخبة ، والشللية التي تجمع الفتيات والشباب الصغير ، لا شيئ ممنوع ولا شيئ محظور ، فتيات في عمر ال15 وال16 وأحياناً تخطين العشرين ، يسهرون طوال الليل مع شباب ، ويسافرون مع بعض دون رقيب ، حفلات سفاري شخصية ليس فيها مشرف أو مشرفة ، إذاً ماذا سيحدث ؟..وبعد كل ما حدث ، هل تستطيع أن تدعم في ذهن الشاب أو الفتاة فكرة الزواج وتكوين بيت وأسرة !

وماذا تبقى حتى يراه الشاب عند الزواج ، وما هو الانبهار الذي سيتحقق للفتاة يوم زفافها ، رغم أن هذا جزء أصيل من البنيان الزوجي الذي تربى عليه الناس ، "مفاجئة ليلة الزفاف" ، هي ذلك الحدث الأكبر الذي ينكشف كلاً من الزوجين على الأخر ، والخيال كان واسعاً وقت أن كنا نترقب ظهور أحد اصابع القدمين ، أو تنكشف خصلة شعر أو ترمق فتاة وتقع عينها على عينك ، خيالات كنا نغوص فيها حتى يأتي يوم الدخلة ، هذا لم يعد موجوداً ، والخيال تحقق مع حضور أول حفل ومع أول لمسة يد ، ومع أول رنت تليفون .

نحن مجتمع كبير ومتعدد الثقافات ومتعدد المستويات أيضاً ، والكلام ليس على إطلاقه ، ولا نستطيع أن ندعو للإنغلاق والرجعية ، أو أن نفرض عادات الماضي بكل حذافيرها ، والأخلاق والالتزام ليس حكراً على الفقراء دون الأغنياء أو العكس ، لكنها ظاهرة شملت شريحة من المجتمع ، ووسائل الاتصال ساهمت في ذلك ، حتى الدراما والسينما دعموا فكرة الانفتاحية المتعددة ، الكاتب غير قادر على كبح جماح الفتاة أو الصبي في روايته ، رغم علمه بأنه يصدر  هذه السلعة للملايين من المشاهدين الذين يعتبرون ذلك تشريعاً وقانوناً يسيرون عليه .

الزواج يأتي في مرحلة متأخرة ، إما رغبةً من الأسرة في زواج فتاتهم أو صبيهم كون ذلك عُرف والسلام ، أو أن تأتي الفتاة بحبيب القلب ، والذي غالباً لا تضع له أي معايير سوى أنه من حرك مشاعرها وشغل قلبها ، هي لا تنظر له من زواية البيت والأسرة والعيال ، ولم تتعلم أيضاً من والدتها فى البيت كيف أنها تعتني بزوجها وأخواتها وبيتها وتتحمل المصاعب من أجل استمرار الحياة .

والأمهات لا يبذلن مجهود لتعليم بناتهن الآن ، ربما تجد من تقول لك : خليها تعيش حياتها وبلاش تشوف إللي انا شوفته ، ولا تدري أنها بذلك تقضي على مستقبلها ، وغالباً ما تعود اليها بعد عام أو عامين بطفل تحمله على كتفها.

وفى المقابل ، لا تجد الشاب الذي يستطيع أن يعتني بزوجته ، وغالباً ما تكون الأسرة قد فشلت في توعيته بدوره القيادي والاحتوائي واتباع الأصول فى التعامل مع الشريكة.

قليلون هم من يفتلون من شرك الطلاق المبكر ، وغالباً ما تكون الأسرة سنداً في ذلك ، ويكون الزوج الصغير والزوجة على استعداد بتقبل فكرة التسامح وعدم تدخل الأسرة ، وكره خوض تجارب فاشلة لأشخاص هم يعرفونهم جيداً .


المشكلة أنك لا تستطيع الآن أن تقنع فتاتك بالحفاظ على بيتها ، هي ترى أنها في بيت والدها معززة مكرمة ملكة تجلس على عرش البيت ، إذاً ليس هناك دافع لأن تخوض أو تستمر في تجربة قاسية ، تستيقظ مبكراً وتنظف البيت وتطهي الطعام وتحمل وتضع حملها وترضع وتربي وتستعد لدخول صغيرها الحضانة ثم المدرسة ، هذه الخطوات بعيدة عن الكثيرات ، في مقابل شاب لا تعني هذه الأشياء فى الغالب أي معنى له ، قد كان حراً طليقاً يسهر ويعود للمنزل كيفما شاء ، والدته فى البيت توقظه وتأكله وتلملم هدومه المترامية في كل مكان ، إذاً كيف يضحي ويكون إنسان جديد ومنظم ومتحمل للمسئولية .

في أحيان كثيرة تلجأ البنت للزواج من شخص يكبرها بعشرون أو ثلاثون عاما ، هي تراه متزن عاقل متحمل ، لديه كل صفات الأب ، يستطيع أن يكون القائد لها في كل أمور حياتها ، مع الوقت تكتشف أنه ليس الرجل المناسب ، فهو لا يشاركها اهتماماتها ولا يسهر معها وليست لديه القدرة العقلية ولا البدنية لأن يساير هذه الفتاة الصغيرة ، والتي غالباً ما تكون في عمر أولاده .

وهكذا نجد شباب صغير لم يكمل عامه الثلاثون ، يريد الزواج بسيدة في نهاية الثلاثينات أو منتصف الاربعينيات ، يراها عاقلة لديها خبرات ، جميلة وجذابة ، تعرف كل فنون الدلع وتستطيع أن تكون زوجة مناسبة ، وفي هذه الحالة غالباً ما تمل هذه السيدة من ذلك الشاب الذي لايريد سوى الفراش فقط ، أما بقية المسئوليات فهو أبعد ما يكون عنها .


المجتمع الآن لا يعي قوله تعالى "وجعلنا بينهم ميثاقاً غليظا"، هذا الميثاق هو عقد مع الله تعالى وليس مع المأذون أو الأب أو الزوج والزوجة ، والله تعالى قال: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، ثم يأتي بعده قوله تعالى "ومن آياته خلق السماوات والأرض"، وهكذا قدم الله معجزة الزواج على معجزة خلق السماوات والأرض .

نحن في حاجة ماسة وجهد حقيقي لتوعية الأبناء ، بأهمية شريعة الزواج ، وأن العقد هنا ليس عقداً عادياً كتلك العقود التي نبرمها يومياً في حياتنا ، الأمهات عليهن المسئولية في تعليم وتثقيف بناتهن ، والأباء عليهم مسئولية تعليم ابنائهم كيف يكون رجلاً وليس مجرد ذكر ، لكن كيف نطلب ذلك والأم نفسها أصبحت مطلقة ، والأب كذلك ، فباب النجار عندما يكون مخلع لن يستر ما يتدارى خلفه .

الحل في قضية الطلاق يأتي منذ البداية ، وهو أن يعلم كل رب أسرة ، أن تربية البنات أدق وتربية الصبيان أشق ، فأحسن في تربية الأدق يُحسن إليك في تربية الأشق .

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟