الكاتب : عثمان علام |
06:08 pm 18/09/2021
| 3741
من نعيم الجهل ، أنني حاولت أن اتبنى مقولة "عندك حق"، واتخذ منها منهجاً أسير عليه ، فلا أدخل في جدال ولا أناقش ولا أوافق ولا أرفض ، حاولت أن أكون مجرد آلة تنفذ ما يُطلب منه فقط ، دون أن يكون لي رأي أو وجهة نظر أو حتى كلمة "صح أو غلط".
#للاشتـــراك_فـــي_قنـــاة_المستقبـــل_البتــــرولي_علي_اليوتيـوب
https://www.youtube.com/channel/UCX0_dxgnzuKWZhfjljA8V6A
أنا أحاول أن انفذ تعليمات زوجتي فى البيت دون اعتراض ، استجيب لطلبات الأبناء دون نقاش ، انصاع لرغبة الأصدقاء دون مناقشة ، وإن حدث وكنت متعب أغلق الهاتف فلا أرد ، أنا شخص لا يمكن له رفض طلب لأحد مهما كان ، إذا قدرت على تتفيذه أقول "حاضر"، وإذا لم أقدر أقول "حاضر"، الشيئ الوحيد الذي أزعم أن لي رأي فيه هو تناول الطعام ، وليس لي رأي فى النوع ولكن إن كنت جائع أكلت وإلا امتنعت ، وأحياناً اتناول بعضه وأنا شبع رغبة لطلب عمر أبني .
وتبني مبدأ "عندك حق"، أمر مريح جداً ، فهو لا يكلفك عناء كثرة الحديث، ولا ينهك فاتورة تليفونك ولا البطارية ولا يجعلك تلجأ للمسكنات من كثرة الكلام ، أنت في غنى من أن تسمع أمجاد زائفة لأشخاص الفرق بينك وبينهم 30 عاماً ولم تعش ولا تعرف إذا ما كانت أمجاداً حقيقية أو زائفة .
وقد تسفح أحياناً كبريائك تحت أقدامهم من أجل لقمة العيش التي ينعمون بها عليك .
ثم إنك كيف تدخل في جدال مع أشخاص أنت لست مقتنع بهم من الأساس ، الكثير منهم من محدودي الذكاء ، وهذه مشكلتهم أنهم يرون أنفسهم فوق البشر ، دائماً يتملقهم الكبر والتعالي ، والحياة تلقي في طريقها هؤلاء بكثرة ، سيلهم لا ينقطع ، أحياناً تسأل نفسك : أين هم الأذكياء وأين هم من يستحقون عناء الحديث وتناول مسكنات الصداع من أجلهم ؟، لا تجد إجابة ، وتشعر أن الأرض قد انشقت وابتلعتهم عن أخرهم ، فتعود لمنهج "عندك حق".
ولا أعرف لماذا يصاب الأغبياء بكل أمراض التعالي وادعاء المعرفة والعلم ، مع أنهم لو راقبوا كل خطواتهم سيكتشفون أنهم يخالفون الطبيعة بأفعالهم وافكارهم ووجهات نظرهم ، بينما الحكماء الحقيقيون وأصحاب الرأي والمشورة والمتعلمون والشطار ، يتمردون على حياتهم ، هم لديهم إدراك تام بأنهم لم يتعلموا شيئ ، لذا فهم دائمو البحث والقراءة والتعلم والاستماع وعدم الكلام .
انني استغرب أن الناس لم تقرأ حديثاً "من قال الله أعلم فقد أفتى "، أو حتى لم يتذكروا مقولة الفيلسوف اليوناني الذي قال : "إني أعرف اني لا أعرف".
مصيبة كبيرة وكارثة عظيمة ، أن يظل الناس هكذا ، لا يدركون كم هم حفنة من الجهلاء المتنطعون .
لكن كارثة الكوارث أن تجد هؤلاء يعتلون الكراسي ويتولون مناصب ، وأحياناً منهم من يفرض رأيه على الأخر لأن له منبر أو آلة شديدة التأثير ، هؤلاء يسوقون الآلاف وربما الملايين خلفهم ، فيعم الجهل ويكثر البشر المتعالون المتكبرون بدون مبرر .
ربما تكون مستشفيات المجانين "أو هكذا نطلق على العقلاء"، مليئة بأشخاص رفضوا التعامل مع مثل هؤلاء الناس "أنصاف أو أرباع المتعلمون"، وكانت لديهم القدرة على اعتزال هذا العالم الغريب ، فوصفهم العالم الغريب بأنهم مجانين ، الفرق بيننا وبين من يسكنون سرايات المجانين ، أنهم أشخاص متصالحون مع أنفسهم ، رفضوا الواقع المرير ، بينما نحن استسلمنا ، فأصبحنا جميعاً جهلاء ومتكبرون ومتعالون ، نعيش نعيم الجهل .
كن مستمع جيد تكن متحدث جيد ، كن قارئ جيد تكن كاتب جيد ، كن ملازم تستقيم لك الحياة ، كن تقياً تكن نقياً ، كن حسن السريرة تكن محمود السيرة ، كن زاهداً تكن محبوباً ، كن مخلصاً تكن ناجحاً ، وثق أنه على قدر النوايا تأتي العطايا .