للاعلان

Sat,23 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص…شيوعية الفكر وقومية العمل

كلمتين ونص…شيوعية الفكر وقومية العمل

الكاتب : عثمان علام |

05:23 pm 11/09/2021

| رئيس التحرير

| 3094


أقرأ أيضا: Test

 


في بلد مثل الصين ، يعيش فيه مليار و400 مليون نسمة ، لا أحد يعرف شيئ عن ديانة الأخر ، لا أحد يفتش عن هويته ، الكل يعمل للدولة التي تحتضنه وتوفر له ولعائلته ما يحتاج ، أما الاعتقاد فأنت حر مالم تضر .


الصينيون يؤمنون ب"قومية العمل وشيوعية الفكر" ، يعمل المسلم بجوار المسيحي بجوار اليهودي بجوار البوذي بجوار من ليس له ملة ، لا أحد يعرف عن جاره معتقده ، يعرف عنه فقط كيف يعمل وكيف يحترم الأخر وكيف يتعامل مع مجتمعه بالأخلاق التي هي جوهر كل الديانات .

 

#للاشتـــراك_فـــي_قنـــاة_المستقبـــل_البتــــرولي_علي_اليوتيـوب

https://www.youtube.com/channel/UCX0_dxgnzuKWZhfjljA8V6A

 

فى الريف المصري عشت حتى سن 19 سنة ، كان يسكن بجوارنا عم حبيب ، رجل مسيحي وله عائلة كبيرة ، كبرت على منهج جدتي التي كانت تبعث لعائلة عم حبيب "الموسم"، ولمن لا يعرف "الموسم "، هو ما نخبزه من عيش وقرص وبسكويت ولحوم وحلويات في عاشوراء وعيدي الفطر والأضحى والمولد النبوي وغيرهم من مناسبات ، كانت جدتي ترسل لعماتي وترسل أيضاً لعم حبيب "الموسم"، وبالمثل كان يرسل عم حبيب الموسم لنا في عيد الميلاد والقيامة وحد السعف .

 


لم نسأل ونحن صغار لماذا ترسل جدتي لأبي، هذا الموسم لعم حبيب ، ولم يتبادر إلى الذهن كيف أن جدتي كانت تهتم بعائلة عم حبيب المسيحية ولم تهتم ببقية الجيران المسلمين ، لكني تطرقت إلى ذلك ذات مرة وكان الجواب: هذا صديقنا من زمان وتجمعنا به علاقة طيبة، لسنا مجرد جيران ولكننا أقرباء .


لم أسمع مفردات الوحدة الوطنية أو ضرورة احترام وود الأخر ، ولا أن هذا واجب تجاه أقلية تسكن بجوارنا ، كل ذلك ربما سمعته عندما بدأ المجتمع يتسمم ويتغير وتنتشر فيه "هذا مسلم وذاك مسيحي" .

 

وفي طليعة عام 1994 أرسلني والدي للقاهرة لأكمل تعليمي الجامعي ، ولوالدي رحمه الله أصدقاء وربما أكثر قرباً من الأقرباء مسيحين يسكنون حي شبرا ، كان لاينزل إلا عندهم ، هم بالنسبة له أبناء وأخوة وأخوات ، حط بنا القطار في بيتهم ، ولم استطع أن أبرح منزلهم ، ولعامين متواصلين أقمت بينهم ، شملوني بعنايتهم ورعايتهم وكنت ولازلت واحداً منهم ، لا أذكر أن واحداً أو واحدةً منهم قال هذا عثمان المسلم ، كانوا يقدموني لمن لا يعرفني بأنني أبن عمي علام ، كل من يعرفهم ويتردد عليهم يعرف عمي علام ، وسرعان ما اشتهرت بينهم وأصبحت واحداً منهم .

 

ربما لم تكن الظروف على النحو المطلوب ، فكنت أشارك سامح ومحسن في أرتداء البنطلونات والقمصان والأحذية "محسن كانت رجله صغيره"، كنت أحشر حذاءه في رجلي رغماً عنه ، لا يستطيع الرفض ، كانت الحاجة أم جمال تبهدله وتشبعه قدحاً ….رحمها الله ونيح روحها واسكنها الجنة .

 

ودائماً الإنسان يتطلع للشيئ الغير مألوف، كنت أسأل : ماذا تفعلون فى الكنيسة ؟..ذهبت معهم ، لأتعرف على هذا العالم الجديد ، لم أجد إلا بيتاً لله يصلي فيه الناس ويعترفون ويتناولون ، القسيس بالنسبة لهم أب روحي مثل الشيخ الذي تذهب إليه عندما يضيق صدرك بمسألة .


إذاً ما وجه الأختلاف ؟..لم أجد أي اختلاف ، نفس المأكل ونفس المشرب ونفس المسكن ونفس الملبس ، نفس العادات ونفس التقاليد ، العيب هو العيب والحرام هو الحرام والحلال هو الحلال ، والقيم والأعراف هي هي ، لا فرق بين مسلم ومسيحي ، الجميع كانوا في مدرسة شبرا الثانوية أو التوفيقية أو الراهبات يجلسون إلى جوار بعضهم ، لا أحد يذكر أن هذا مسلم وذاك مسيحي .

 

راقبت عندما كبرت ، كيف أن بناية مرتفعة 12 دور كنت أسكن بها في شبرا ، كان بها المسلم والمسيحي ، الكل يتعايش الكل يبادر بتهنئة الأخر في الأعياد ، حتى عندما نشيع ميت مسلم كان أو مسيحي ، نجد كيف أن القبور متجاورة ، مقابر المسلمين تحتضن مقابر المسيحين ، لا يوجد مقابر في مصر منفردة ، الوحدة تجمع الناس في هذا الوطن أحياءً وأمواتا .

 

عندما تزور مصلحة حكومية ، تقابل الموظف محمود وجرجس وعلي وشنودة وزينب وايڤون ، وعندما تدخل الجيش تجد كيرلس وعبدالله ينامون في مكان واحد ويقفون على مسافة متساوية على الجبهة .


العالم الخارجي الذي لا يعرف تاريخ وهوية مصر يظن أنه يستطيع ضرب الوحدة الوطنية ، هم يعتقدون أن مصر بها عرقيات كالعراق وسوريا وغيرهم ، مصر بها ديانات تتعايش وليس بها عرقيات ، هذه العرقيات هم أبناء ديانة واحدة ، لكنهم يتقاتلون ويتشرذمون ، أما في مصر فالأقلية والأكثرية تتعايش مع بعضها لأنهم دم واحد وهوية واحدة ، هذا الدم الذي أوريق في 48 و67 و73 ، كيف لهذا الدم الذي توحد لمجابهة العدوان أن يتفرق لمجرد دسائس ومكائد تحاك خارجياً وداخلياً ؟.

 

أنا وإن كنت شاكر جهود الدولة المصرية في إرساء مبادئ حقوق الإنسان منها حرية المعتقد ، إلا أنني أزيد من الشعر بيتاً ، مصر دولة واحدة وموحدة ومتوحدة ، بمساجدها وكنائسها ، بمسلميها ومسيحييها ، لا فرق بين هذا وذاك ، وستظل هذه البلد محفوظة بطيبة شعبها وقوة جيشها وعزيمة رئيسها .

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟