قبل قراءة المقال عليكم بقراءة الفاتحة على روحه الطيبة.
مابين الحين والأخر أتذكر الراحل وفيق زغلول، أعيش مع هذه الذكرى أحلام عاش فيها الرجل بيقينه، لكنها كانت وهم وخيال، سراب كان الموت هو الفيصل.. طموحات كانت تلازمه قبل أن يفارق الحياة.
لقد رحل وفيق زغلول جسداً لا روحاً، صورةً لا معنى..رحيل مادي وليس معنوي.. إنه لايزال يعيش بيننا وفينا بمعونياته وأخلاقه، فلا يتثنى لأحد أن يسمع إسمه إلا وكان مادحاً له في حياته وبعد مماته.
كنت أردد على مسامعه كثيراً ماذا تفعل بعد المعاش ياأستاذ وفيق؟،- وكان يقول: سأعيش مع الكتاب، ذلك الكتاب الذي لم يكن يفارقه حتى وهو في أوج إنشغاله.
لقد أختلطت الحياة مع وفيق زغلول، فكانت ثقافته في الأدب مثل المحاسبة، ومعرفته عن الفن كمعرفته بالإدارة، ودرايته بالعلوم كدرايته بصناعة البترول، شغل مدير مكتب واحد من أقوى وزراء البترول في تاريخ القطاع، ولم يكن جباراً ولا متجبراً ولا متعالياً ولا متكبراً، بل كان خادماً للجميع، رافعاً راية المحبة للكل، وعندما توالت السنون ومضى بين شركات القطاع تولى رئاسة بتروتريد، قضى بها أكثر من ست سنوات، قصده السائل والمحتاج وعابر السبيل، وسرعان مانُقل الى إبسكو، فأحبه الجميع وعمل على خدمتهم...وقبل رحيله بسنوات قليلة عمل أميناً عام لوزارة البترول، ليحصل على لقب الرجل الخلوق الأول داخل الديوان.
لم يمهله المرض ليشتم أنفاسه من رحلة عمل طويلة كان يود لو أستراح منها بعض الوقت، ليقرأ وينهل من طيات الكتب كما كان يريد، أستيقظ هو ونحن معه على مرضه، ذلك المرض اللعين الذي فتك به وازاحه من عالمنا الذي كان فيه منبراً للثقافة ومنهلاً للعلم، ومصدراً للأخلاق.
لم يكن موت وفيق زغلول مثلما يموت الجميع، ولم يكن رحيله مثلما يرحل غيره، فهيهات أن يكون مثلهم، لسبب واحد، أن وفيق زغلول خلفّ وراءه آلاف القيم، ملايين المُثل، محبةً لايستطيع حصرها أحد، ترك خلفه حياةً أخرى نأمل جميعاً أن نتركها مثله...محطات كثيرة نمر عليها، لكننا قليلاً مانتوفف على واحدةً منها، فليست جميعها وفيق زغلول.
ولعلى الجميع يفيق ويتذكر النهاية، نهاية يعمل لها ليعيش أبد الدهر..." واهو بكره نقول كانت ذكرى وعشنالنا يومين"!!!