11:13 pm 01/06/2021
| 3996
منذ عدة سنوات تربو على الخمسة عشر عاماً عرفت الكيميائي أحمد قديره ، كنت دائم التردد على شركة تاون جاس لاسيما في عهد الراحل العظيم المهندس سيف الإسلام عبدالفتاح ، هذا الرجل الذي غمرني بعطفه وكرمه ، فقد كان معطاءً لأقصى درجة يتخيلها بشر أو لا يتخيلها.
عرفت في هذه الفترة أحمد قديره عليه رحمة ربه ، وعرفت كثيرون ، ودامت العشرة الطيبة بيني وبين الجميع ، وأخص بالذكر العظيم الأستاذ عاطف أباظه ، ومضت السنون ، وخرج المهندس سيف للمعاش ، ومرض ومات، ومضى عامين على الرحيل ، ولا تنسى الذاكرة فضل الرجل الذي احتضنني حتى بين جدران بيته مع كثيرون كان بالنسبة لهم ولي معلماً وناصحاً وكريماً وفاضلاً .
تولى الكيميائي أحمد قديرة شركة مترو جاس ، وسرعان ما قذفت به القرارات لتولي شركة صيانكو ، كنت دائم التواصل معه ، سألته ذات مرة: أنت بك جسد أسد ولك قلب طائر رقيق ، فقال: هذا رزق وفضل من الله .
استمرت العلاقة بيننا ، ولأن الأيام تقطع كل شيئ في سرعتها ، نسيت انه اقترب من المعاش ، وبعد أن عاد من صيانكو لشركته الأم "تاون جاس"، خرجت منذ أسبوع في حلقة من برنامج حكاوي علام ، مطالباً بتولي أحد قديره رئاسة شركة ، فلا يصح أن يظل الرجل هكذا مساعداً بعد أن تولى شركتين ، وشاهد الحلقة دون رد عكس عادته ، لم أكن اعلم أنه طريح المرض ، ولم أكن اعلم أن كورونا اللعين تمكن منه لدرجة أن يسكته للأبد .
وصباح أمس تلقيت اتصالاً من أحد رواد الغاز الطبيعي في قطاع البترول المهندس مصطفى إسماعيل ، يبلغني بخبر رحيل أحمد قديره ، واعترف أنني لم اقوى على الكلام ولا الرد ، حتى الصلاة اديتها قاعداً من شدة الحزن والألم الذي اصابني بسبب رحيل الرجل دون وداع .
وهذه هي الحياة ، نعافر فيها ، نفرح ونحزن ، نضحك ونبكي ، نجري ونهرول ثم نستريح قليلاً ، ليس من أجل الراحة ولكن لنعاود الجري من جديد ، هرولة على لا شيئ ، على دنيا زائلة لا محالة ، عن قدر محتوم قادم لا شك فيه .
ولكن ، فليبكي جميعكم معي حزناً على من رحل ، أعطوني عيوناً أبكي بها فقد جفت مدامعي .