الكاتب : عثمان علام |
03:46 pm 01/02/2021
| 3130
من زمان بحب فصل الشتا..حبيت الشتا وانا صغير عشان اللمة حول نار المدفئة في لياليه..وعلشان طول عمري مريض ضغط ، والضغط بيوطى عندي فى فصل الصيف ، وافقد معه القدرة على القيام بأي عمل مهما كان صغير.. وحبيت الشتا عشان البطاطا والعدس وعشان اللبس التقيل وجماله ، ولم يكن الصيف يوماً بالنسبة لي إلا نكسة لا افيق منها إلا مع حلول شهر أكتوبر ، الصيف بالنسبة لي سيل من المتاعب .
وسبحان الله دائماً تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. وهذا قدر كلاً منا .
ولم أكن يوماً التفت لظاهرة التعب والأرق التي تصيبني في أحب الفصول الى قلبي ، لفت نظري صديق وقال لي: أنت كل شتا بيكون ليك نكسة ، هي أيه الحكاية؟.. وبدأت من هنا آخد بالي أن هناك حالة مأسوية ومقلقة في حياتي تحل مع حلول فصل الشتاء .
وتذكرت من كام سنة بدأت تحصلي حاجات كتير مؤلمة في فصل الشتا.. واحيانا بتعب وبقعد شهور متواصلة مزاجي مش حلو ..ووصلت لمرحلة انني تعبت نهاية 2019 و 3 شهور متواصلة في عام 2020 ..وأعراض زي : عدم الشعور بالجوع ولا بالشبع ولا بالنوم ولا بالسهر ولا قادر استمتع بأي حاجة..وطول ما انا قاعد مش قادر اتحكم حتى في حركات اليدين ولا الرجلين..حتى الصلاة اؤديها وأنا جالس ..وأي حاجة مهما كانت صغيرة بتأثر في نفسيتي.. وتطور الأمر ان حاجات كتير تاني مش كويسه متظهرش غير فى فصل الشتاء ..ولو ليه حاجة تتعطل ..ومش عارف دا أيه ولا أيه السبب.
وتأكدت أن الشتا بقاله طعم مر أوي معايا ..مراراته أقوى بكثير من لسعة جوه.. وأقوى من نزول الضغط وحرارة الشمس فى شهر يونيه..بس ربنا سبحانه وتعالى يقطع من جانب ويوصل من الجانب الأخر ..يرضيني ويجبر بخاطري بأشياء كثيرة حلوة ..ولا أظنها من أجلي، ربما من حولي وربما من أجل أولادي وربما من أجل شيئ قد أكون صنعته لوجهه تعالى..نعم التعب والأرق يجعلاني أفقد أي إحساس بأي شيئ جميل.. لكن ربنا من رحمته لا يجرد عبده الضعيف من كل شيئ.. ودائماً وحتى وأنت في أضعف حالاتك يمنحك بعض القوة .
ولأني شخص لا يؤمن بالصدف فى الغالب .. بدأت الاحظ أعراض الشتاء ..ومش عارف دا طبيعي ولا صدفة ولا أيه بالضبط..غير أني لم أفكر يوماً أن أحكي رغم كثرة الأصدقاء ولا حتى أكتب.. ودا سببه أنني أحاول طيلة الوقت أن أكون مستمع جيد لكل الناس ولا أكون قاص لأحد..فلدي إيمان مغلوط بأنه لا أحد يشيل همي..وأيمان مغلوط أيضاً أنني لا أريد أن اكون ضعيفاً أمام الناس..فربما أعتبرت نفسي عكازاً يتكأون عليه فكيف لي أن اضعف..ويمكن علشان أتحاشى كلمة "مالك"، وأنا لا أستطيع الإجابة..أنا بالفعل لا أقوى على الإجابة ..فهي ترهقني وتخور من قواي .. وفي أحيان كثيرة أمتنع عن الرد على تليفوني.. لأن أعصابي تكون غير قابلة ولو لمجرد سؤال عن نفسي..المهم أنني أطبق "لا مش أنا اللى ابكي..ولا أنا اللى اشكى".
حاولت أن اقلب على قصة تشبه قصتي ومأساة تشبه مأساتي.. وجدت فيلم بعنوان "ليلة شتاء دافئة"، واكتشفت ان يسرا لها قصة مأساوية فى الفيلم ..فقد أحبت شاباً لكن والدها رفض زواجهما ، واصطحبها معه لأسوان ..فهربت منه لتعود لحبيبها.. وكانت قصة مأساوية أيضاً .
وربما لا تكون هذه القصة أشبه ولا المأساة أوقع..لكني كنت أبحث عن حالة شبيهة.
لكني عندما أفكر وأنا في أوج ضعفي..أجد أن هناك آلاف الحالات لهم مآسي أكبر وأعظم بكثير مني.. فهناك المريض وذو الحاجة والمسكين والذي تقطعت به السبل..ربما لم أقابلهم..وربما أعرفهم ، لكن مأساتي تنسيني كل شيئ..وحتماً حالتي هينه لينه بالنسبة لأخرين يعانون من غلب وتعب السنين .
على كل الأحوال شعرت بالحاجة للقول..القول وأنا أكتب وليس القول وأنا أتحدث..فما زال الضعف يتملقني فلا أقوى على البوح.. وهذا قد يكون لأنني لا أجيد فن الحديث عن ألاوجاع.
والحمد لله أنني اعتدت الشكر لله فى السراء والضراء ..فالشكر لله الذي علا فقهر، وملك فقدر، وعفا فغفر، وعلم وستر، وهزم ونصر، وخلق ونشر..وكلما شكرت ربي وجدت منه ما يرضيني.. فالشكر لله دائماً وأبداً..الشكر لله على رسائلٍ تأتي في طريقنا دون بحثٍ عنها.. وكأنها كُتبِت لنا..الشكر لله على نعمة الأشياء البسيطة التي رغم بساطتها تزهر قلوبنا..الشكر لله الذي نظُن به خيرًا فيُكرمنا بأفضل مِمَّا ظننَّا به..فما ذهب جميل إلا وحل محله ما هو أجمل فالشكر لله دائماً وأبداً.