للاعلان

Sat,23 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص...ويدٍ تمتد نحوي كيدٍ من خلال الحزن مدت لغريق

كلمتين ونص...ويدٍ تمتد نحوي كيدٍ من خلال الحزن مدت لغريق

الكاتب : عثمان علام |

07:13 pm 24/01/2021

| رئيس التحرير

| 2761


أقرأ أيضا: Test

 


أنساني الشيطان ذكرى الشاعر الكبير إبراهيم ، وكان من المفترض أن اكتب عنه منذ شهر مضى ، لكن ذكرتني "الاطلال" به ، وليست أطلال ابراهيم ناجي فقط هي التي ذكرتني، ولكن أطلال كل شيئ في حياتنا ، ذلك الحزن الذي يخيم كثيراً ، الحالة المزاجية التي يعلم الله متى تعود كما كانت .

أما بالنسبة ل"إبراهيم ناجي"، فلم تتركه الحكايات  حياً وميتاً ، فقد تناولته الأقلام ، وقالوا عنه العاشــق الذي مات حياً ، وكتب عنه احمد المرشد، صحفي خليجي يقول: اتذكر مع قدوم كل عام بساعاته وأيامه قصيدة «الأطلال» للشاعر الطبيب إبراهيم ناجي.. ولكن ما علاقة «الأطلال» بكلماتها وشاعريتها المرهفة بعام جديد؟.. ربما لأننا غالبًا ما نضع المقارنات بين عام ولى ومضى الى حال سبيله وآخر يهل علينا، كذلك «الأطلال» التي لم يترك كاتبها إبراهيم ناجي لحظة حب مع ملهمته وإلا تذكرها وكتبها ثم عاد إليها بعد حنين وسنين، فالحنين هنا لحب انتهى ولكنه ترك أثرًا في النفس والروح، والسنين ليتذكر هذا الحب الجارف الذي ترك بصمة في قلبه وروحه وربما جسده ولكنه لم يخبر أحدًا بذلك، ربما أراد إخفاء سبب العلة التي تركت آثارها على أشعاره وقصائده.

والحب لا ينتهي بدليل أننا أحياناً نعيش بذكراه وعلى ذكراه، وإذا كان ناجي أبدع في التعبير عن حبه في أطلاله وغيرها من القصائد التي تركها لنا، فهذا قدره كشاعر، ولكن غيره أيضا يعيشون نفس الذكريات وهي محفورة في ذاكرتهم، ولهذا فعندما يهفو ماضينا على وعينا نسترجع بالفطرة أبياتاً خالدة من ذكرى الحب العذري وتنتفض معها روحنا وترفرف قلوبنا بمجرد أن تهف علينا ذكرى وصورة المحبوب أو الحب الذي كان، ولهذا لم يكن غريباً على ناجي وغيره من الشعراء أن يعودوا الى الوراء، ليس بحثاً عن أطلالهم الخالدة، وإنما رغبة في العيش لحظة جميلة عاشها في زمانه وماضيه. وهنا يتذكر ناجي أبياته:

•يا فؤادي لا تسل أين الهوى..كان صرحاً من خيالٍ فهوى
•اسقني واشرب على أطلاله.. واروِ عني طالما الدمع روى.
•كيف ذاك الحب أمسى خبراً..وحديثاً من أحاديث الجوى .
•لست أنساك وقد أغريتني.. بفمٍ عذب المناداة رقيقْ.
•ويدٍ تمتد نحوي كيدٍ..من خلال الموج مدت لغريق ْ.
•وبريقاً يظمأ الساري له.. أين في عينيك ذياك البريق.

وقد تحدثوا وأسهبوا كثيرًا عن ملهمة إبراهيم ناجي، فتارة يقولون فنانة مشهورة، في حين كتب كثيرون نقلاً عن الشاعر نفسه أنه عشق أكثر من فنانة ولكنه لم يكتب أطلاله الخالدة عن اياً منهن، وتروي أغلب القصص أن الممثلة زوزو حمدي الحكيم هي الملهمة الحقيقية والوحيدة للأطلال، وتنقل الحكايات عن ناجي رسالة كتبها بنفسه لحبيبته المجهولة في الواقع ولكن يقولون إنها لزوزو حمدي الحكيم- على «روشتة» صرف الأدوية لوالدتها المريضة. 

وتقول نص الرسالة التي لا نعلم مدى صدقها «إذا استطعت أن أكون الدليل الذي يريك الفن والجمال والخير والحق والنبل فأنت أعطيتني ذلك القليل..وأنا كنت لك ذلك الدليل.. فأنا استعنت بروحك السامية على آدميتي.. وإذا أنا استطعت أن أملأ عليك حياتك فشعرت بالعزة والاستغناء.. يوم ذاك نكون أرباباً يا زوزو.. ويبقى حبنا يا زوزو.. إني أحبك». 

وكما ذكرت، لم تترك الحكايات إبراهيم ناجي حياً وميتاً، إذ تناولته الأقلام مرات عديدة، وقالوا عنه العاشق الذي مات حياً من كثرة غرامياته من طرف واحد، والعاشق الذي عاش حياته مثل الفراشة المعذبة الحائرة والتي تنتقل من غصن لآخر لعلها تجد الزهرة التي تسكن إليها. 

ويبدو أنه مع كثرة تنقلات الفراشة فهي لم ترتو أبدًا من الحب المنشود، فاكتفي ناجي بالارتواء الروحي، وإن كان هذا أصابه بالحسرة التي زادت إحساسه بالحرمان والتلاقي الحسي في كل تجربة مع فنانة أو كاتبة من الكثيرات اللواتي التقى بهن، ومن بين أغصانه التي ذكروها الفنانة أمينة رزق التي كتب فيها قصيدة «نفرتيتي الجديدة»، وزينب صدقي صاحبة قصيدة «وداع المريض»، بالإضافة الى زوزو ماضى، أما الراقصة سامية جمال فانفردت بقصيدة «بالله مالي ومالك».

ورغم أن إبراهيم ناجي لم يسلم من الحكايات الكثيرة عن ملهمته، فإن ما يهمنا في هذا المقام ما تركه لنا من كلمات وإبداع وإحاسيس مرهفة، ونمضي مع أطلاله حتى نصل الي:
•أين مني مجلس أنت به.. فتنةٌ تمت سناء وسنى.
•وأنا حبٌ وقلبٌ هائمُ.. وخيالٌ حائرٌ منك دنا.
•ومن الشوق رسولٌ بيننا.. ونديمُ قدم الكأس لنا.

وفي حوار للشاعر صالح جودت الصديق الحميم لناجي كشف فيه قبل مماته أن ناجي أبلغه في جلسة بينهما أنه لم يكتب رائعته «الأطلال» من وحي ممثلة بعينها من اللواتي ادعين ذلك، وقد احتفظ صالح جودت بسر صديقه ولم يكشفه في حواراته لأن الملهمة كانت وقتها على قيد الحياة ومن الحياء ترديد اسمها في الصحف.

لكن من منا لم يمر بقصة ناجي، ومن منا لم يعش كل حرف من أبياتها، فهي هزت وستهز قلوب العشاق، خاصة عندما يقول فيها:

•أيها الساهر تغفو.. تذكر العهد وتصحو
•وإذا ما التأم جرح.. جدّ بالتذكار جرحُ
•فتعلّم كيف تنسى.. وتعلّم كيف تمحو
•يا حبيبي كل شيءٍ بقضاء.. ما بأيدينا خلقنا تعساء.
•ربما تجمعنا أقدارنا.. ذات يوم بعد ما عز اللقاء.
•فإذا أنكر خل خله.. وتلاقينا لقاء الغرباء
•ومضى كل إلى غايته.. لا تقل شئنا فإن الحظَّ شاء

وتتجلى روعة اشعاره عندما يقول:
•يا حبيباً زرت يوماً أيكه.. طائر الشوق أغني ألمي.
•لك إبطاء المدل المنعم.. وتجني القادر المحتكمٍ.
•وحنيني لك يكوي أضلعي.. والثواني جمرات في دمي.
•أعطني حريتي أطلق يديَّ.. إنني أعطيت ما استبقيت شيَّ.
•آه من قيدك أدمى معصمي.. لم أبقيه وما أبقى عليَّ.
•ما احتفاظي بعهودٍ لم تصنها.. وإلام الأسر والدنيا لديّ.

لقد عاشت «الأطلال» وغيرها من حكايات الحب والهوى والغرام، وسنعيش نحن مع أبياتها ورواياتها ، ومع كل قصة وموقف نصادفه أو نعيشه ، سنتذكر أياماً مضت وحياة عشناها في الماضي، والأهم أن كل يوم يبزع فجر جديد ببهجته وفرحته وياسمينه وأمانيه وأحزانه أيضاً .

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟