الكاتب : عثمان علام |
06:24 pm 09/01/2021
| 2610
وإن كان قد رحل بجسده ، فسيبقى بيننا بأعماله وروحه الطيبة ترفرف علينا أينما حللنا ، رحل طاهر النفس عفيف اللسان ، رحل صاحب السيرة الطيبة والسريرة المحمودة .
منذ سنوات تخطت ال11 ، كتبنا في صحيفة المستقبل اليوم ، أن هناك تجاوزات داخل المركز الطبي للعاملين بالبترول ، وذكر الصحفي الذي حقق فى الموضوع ، أن الذي يرعى هذه التجاوزات الدكتور أحمد الشيخ ، شقيق رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون المحبوس وقتها المهندس أسامه الشيخ .. واعترف أنني لم اراجع الموضوع قبل نشره لثقتي بالصحفيين الذين يعملون معي ، وبعد صدور العدد ، رن هاتفي ، لأجد المتصل هو الدكتور أحمد الشيخ .
وبدون تفكير اسرعت لمقابلته ، مؤكداً عليه السؤال : هل أنت شقيق المهندس أسامه الشيخ ؟.. قال : نعم .. قولت : يا ويلتي، وحزنت حزن شديد على ذلك ، وكيف لا أحزن وقد قصرت ولم أراجع موضوعاً ذكر فيه المهندس أسامه الشيخ ، وهو صاحب الفضل والمنة بعد الله عز وجل .
واعترف ، انه لم يكن يهمني الدكتور أحمد الشيخ بقدر ما يهمني المهندس أسامه الشيخ ، فقد عشت سنوات مع هذا الرجل داخل مبنى ماسبيرو ، وكان أكرم عليَّ من الوالد على ولده ، شملني برعايته وأغدق عليَّ من أدبه وعلمه ، كيف لي أن اقع في مثل هذه السقطة وأنا مدين لهذا الرجل !
ورغم أن النقد كان موجه بالأساس للدكتور أحمد الشيخ ، إلا ان كل ما كان يهمه ذكر المهندس أسامه الشيخ أيضاً ، لكني وبكل شجاعة أعلنت توبتي وندمي على ذلك ، وأسرعت في نشر رد أوسع مما نُشر ، وقدمت الأسف للمهندس أسامه الشيخ وللدكتور أحمد الشيخ رحمه الله .
مع مرور الأيام لم تنقطع زياراتي عن الدكتور أحمد الشيخ ، وكنت كلما امتدت قدماي لمدينة نصر أذهب اليه بمكتبه، ليس في حاجة ولكن للجلوس معه انهل من أدبه واتحدث معه في كل الأمور .
لم يمل الرجل يوماً من زياراتي المتكررة ، بل وصل الأمر أن صغيري عمر تعرف عليه وهو فى الرابعة من عمره ، ورغم صغره كان دائم السؤال عنه ، هل رأيت عمو أحمد وسيارته البيجوه ؟.. نعم لقد رأيته وجلست معه وهو يسلم عليك كثيراً.
وفي شهر يوليو من عام 2017 خرج الدكتور أحمد الشيخ للمعاش ، وكانت هذه فرصة لأن اصطحب عمر معي للحفلة ، فهو شغوف به لرحمته وحنوه عليه ، وذهبت اليه بمكتبه قبل الذهاب للحفل الذي أقيم بأحد دور الاحتفالات الكبرى ، وتركني عمر ليركب مع الدكتور أحمد الشيخ سيارته ، وبالفعل كان الجميع ينتظر ، فإذا به يدخل الحفل وبيده عمر الصغير ، وقوبل ذلك بالتصفيق والتهليل ، وكان حاضراً وقتها استاذي وصاحب الفضل المهندس أسامه الشيخ والكاتبة عزه نصر شقيقتهم وأسرته وكل أطباء قطاع البترول وعدد من رؤساء وقيادات القطاع .
توقعت أن الدنيا توقفت بخروج الدكتور أحمد الشيخ للمعاش ، ورغم الصداقة التي تجمع بيني وبين الدكتور محمد الذي خلفه وهو زملكاوي مثلي، وكذلك الدكتور هاني ، إلا انني لم ادخل المركز الطبي منذ أن خرج الدكتور أحمد الشيخ للمعاش ، ربما لظروف ما وربما لمكنون نفسي داخلي ، فقد فعلت ذلك فى تاون جاس منذ أن خرج المهندس سيف الإسلام عبدالفتاح للمعاش ورحل عن عالمنا الى الدار الأخرة .
لكن ما بين وقت معرفتي بالدكتور أحمد الشيخ ، وحتى وفاته مروراً بالفترة التي قبع فيها بمنزله مريضاً ، لم تنقطع الاتصالات ولا الرسائل ، لم ينقطع الحبل الموصول بيني وبين هذا الرجل ، كنت اتخير بعض الأوقات التي احادثه فيها اشفاقاً عليه من معاناة الحديث ، لكنه ورغم مرضه كان يبادر بالتهاني والسؤال عني والتحدث لبعض الوقت .
ظللت أدعو له ، ولازلت وسأظل ادعو له بالرحمة والغفران ، فلم أرى منه الا كل طيب وجميل ، ولم يرى منه قطاع البترول سوى ذلك ، ولم أرى رجلاً موصول المحبة بينه وبين الجميع كهذا الرجل العظيم ، حياً وميتا.
رحم الله الدكتور أحمد الشيخ واسكنه فسيح جناته.. وإنا لله وانا اليه راجعون .