للاعلان

Sat,23 Nov 2024

عثمان علام

كلمتين ونص... ولئِن فُك قيد عثراتي لأجلدنِّك مائة جلدة

كلمتين ونص... ولئِن فُك قيد عثراتي لأجلدنِّك مائة جلدة

الكاتب : عثمان علام |

05:48 pm 05/01/2021

| رئيس التحرير

| 2837


أقرأ أيضا: Test

 

كان أيوب النبي وجيهاً جميلاً ثرياً ، فغار منه الشيطان فطلب من الله أن يسلطه على نبيه ، فرد عليه رب العزة أنه سيسلطه على جميع بدنه إلا قلبه ، وتناثر الدود من جسده طيلة ثمانية عشرة سنة حتى لم يبق إلا العظم والعصب، حتى إن امرأته كانت تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها قالت: يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحًا، فهل قليل لله أن أصبر سبعين سنة أخرى ، فجزعت من الكلام، لكنها ظلت تخدم الناس بالأجر وتطعم أيوب.

كان النّاس يرون ويسمعون عن قصة أيوب والعيش الرّغيد ، وكان كلّما زاده الله بركةً ورزقاً واسعاً إزداد هو ورعاً وتقوى، لا يفتنه مال ولايُغويه ولدٌ ، بل حُبّ الله ورضاه هما همّه وشغله الشاغل .

وأصبح الشيطان يوسوس للنّاس بأن أيوب ما كان يعبد الله حبّاً ولا طواعية وأن طاعته كانت طمعاً في منح الله ، وأن الله لو نزع عنه كل هذه النّعم فإنه سيبتعد عن عبادته الله.

لكنّ الله أراد أن يجعل أيوب مثالا للبشرية في قيم الصبر على البلاء ،
فإبتلاه أعظم إبتلاء فنزع ماله وفقد ولده، وأصيب جسده حتى أصبح لا يقدر على الوقوف ، وعندما رأى الناس ماحلّ بسيّدنا أيوب من إبتلاء أصبح فريقاً منهم يشكّك بأنّه نبيٌّ .

كذلك ظن الشيطان الذي وسوس لهم أن المصائب والكوارث التي حلّت به سوف تذهب إيمانه وتفسد قلبه، لكن ظنّهم خاب فلم تزد تلك المصائب سيّدنا أيوب إلا إيماناً وصبراً.

ومرّت الأيّام وأيوب على حاله من ضعف ووهن في الجسم وفَتَكَ المرض بأغلب جسده، ولم يتبقّى أحدٌ بقربه إلا زوجته التي ظلت تخدمه وترعاه وكانت على عهدها به ، صابرة محتسبة ، لكنّ رفقاء الشيطان لم يتركوها بل راحوا يألّبونها على هجر وترك سيدنا ايوب، وفي إحدى زياراتها له قالت له:
لِمَ يعذّبك الله ؟وأين مالك ؟وأين أبناؤك ؟وأصدقاؤك ؟..فرد عليها سيّدنا ايوب، وقال: لقد سوّل لكِ الشيطان أمراً، أتُراكِ تبكين على عزٍ قد ولّى.
لقد خاب ظنّي بك ولا أراكِ إلا وقد ضَعُفَ إيمانك وضاق قضاء الله وقدره بصدرك ، ولئِن شُفِيت من مرضي هذا لأجلدنِّك مائة جلدة ، فإذهبي عنّي ولا أريد أن أراكِ حتى يقضي الله بيني وبينك.

وهكذا أصبح أيوب وحيدا إلا من مرضه وفي ذروة معاناته وفي قمّة الشدّة، اشتكى إلى الله(وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [سورة الأنبياء: 83].

وفي هذه اللّحظة استجاب الله له وأمره أن يضرب الأرض برجله ، فانفجرت من تحتها عين ماء فشرب واغتسل منها، فعادت إليه صحّته وعافيته وخَرّ أيوب ساجداً لله على تلك النعمة التي أعادها الله إليه وأوحى له بأنه سيعيدها له كاملة كما كان في السابق كثير الرزق والمال والأبناء.

أما زوجة ايوب فقد أصابها القلق على زوجها ، وعرفت أنها أخطأت في حقّه، وان الشيطان أبعدها عن الحق فما كان منها إلا أن عادت إلى المكان الذي فيه وهي ملهوفة ونادمة على ما بدر منها.

حلف ايّوب أن يضرب زوجته مائة جلدة إذا شفي من مرضه، فأوحى له الله بأخذ حزمة من العيدان الصغيرة ويضرب بها زوجته ، فكأنّه يضربها مائة جلدة حتى لا يحنث بيمينه ، ولا يؤذي زوجته التي كابَدت وعانت معه الشقاء والمحن.


ولعل البلاء لا يزيد الإنسان إلا تقرّباً، وأن الإنسان إذا أذهب الله ماله وولده وأصيب بالهم والغم لايزيده ذلك إلا شكراً وصبراً على قضائه ، وأنّ المرأة الصالحة إذا أبتلي زوجها بمصابٍ فعليها أن تصبر ، وأن الشكر والصبر يعيدان للإنسان نعم الله التي إذا ما افتقدت .

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟