الكاتب : عثمان علام |
11:53 pm 28/11/2020
| 3450
من بين شعراء كثيرون ابدع الشاعر الامير عبدالله الفيصل في كل قصائده التي كتبها ..ولم تكن اللغة الفصحى التي صاغ بها أشعاره إلا ذلك العطر المنثور على جبين مستمعيه.. فرددوا كلماته وهم يعرفون عن ظهر قلب من الذي سطرها.. عكس شعراء كثيرون كتبوا ونسبت أعمالهم إلى من تغنوا بها.
توثقت علاقة عبدالله الفيصل بسيدة الغناء أم كلثوم أوثق...وشدت برائعته "ثورة الشك" ..وحققت نجاحا كبيراً وأصبحت من أشهر أغنياتها، والتي لحنها السنباطى "أكاد أشك فى نفسى لأنى ..أكاد أشك فيك وأنت منى ..يقول الناس إنك خنت عهدى .. ولم تحفظ هواى ولم تصنى" ..إلى أن تصل إلى روعتها عندما يقول "وما أنا بالمصدق فيك قولا .. ولكنى شقيت بحسن ظنى .. أجبنى إذ سألتك هل صحيح .. حديث الناس خنت ألم تخني؟".
ولم تقتصر أشعار عبدالله الفيصل على ام كلثوم..لكن تغنى عبدالحليم حافظ بها أيضاً..فبعد الثورة بثلاث سنوات غنى العندليب رائعة كمال الطويل" سمراء ياحلم الطفولة .. يامنية النفس العليلة ..كيف الوصول إلى حماك .. وليس لى فى الأمر حيلة ..وسيلتى قلب به مثواك وإن عزت وسيلة ..فلترحمى خفقاته واسمعى ترتيله" .
وكما يروي الشاعر الراحل مصصطفى الضمراني فيقول: كان عبدالله الفيصل رحمه الله يرى أن الشعر هو أحب الفنون إلى نفسه والذين اقتربوا منه يعرفون تأثره بكبار الشعراء من أمثال المتنبى وأمير الشعراء أحمد شوقى وعلى محمود طه والنابغة الذبيانى وعمر بن أبى ربيعة وإبراهيم ناجى وغيرهم، وكان يتمنى أن تغنى له أم كلثوم بعض القصائد الأخرى التى أبدعها شعراً وتأثر بها السنباطى بوجه خاص.. لكن الحظ لم يمن خليفه له.. فقد كان يرى أن أم كلثوم هى منارة الغناء الشعرى وأن السنباطى أفضل من يلحن قصائد الفصحى وإن كانت الفنانة نجاة الصغيرة وعبدالحليم حافظ يحققان نفس الهدف.
أما قصيدته"من أجل عينيك" ..فقد شاءت الظروف أن تتغنى بها أم كلثوم وتفتتح بها موسمها الغنائى عام 72 بعد أن وافقت على اقتراح الراحل الصحفى رجاء النقاش بأن تغنى لحناً من ألحان الموسيقار سيد مكاوى عاتباً عليها أنها غنت للملحن بليغ حمدى أغنيتها الشهيرة "حب إيه اللى إنت جاى تقول عليه" ..إنت عارف قبله معنى الحب إيه "...وقدمته للجمهور كملحن جديد لأول مرة وحقق شهرة واسعة منذ ذلك الحين ، كما غنت أيضا للموسيقار محمد الموجى "للصبر حدود"..كلمات عبدالوهاب محمد وهما من نفس جيل سيد مكاوى الذى لم تتحقق له هذه الأمنية، فاقتنعت أم كلثوم باقتراح رجاء النقاش ووعدته بأن تقدم سيد مكاوى فى نفس الحفل الذى تقدم فيه "من أجل عينيك" لرياض السنباطى وهو ما تحقق بالفعل عام 72 عندما قدمت مكاوى فى الوصلة الأولى بأغنية "يا مسهرنى.. ما خطرتش على بالك يوم تسال عنى .. وعينيه مجافيها النوم يا مسهرنى" ..كلمات أحمد رامى ، لتكون الوصلة الثانية فى هذه الليلة رائعة عبدالله الفيصل "من أجل عينيك" التى تجلت فيها أم كلثوم وبلغت قمة أدائها الغنائى مع لحن الموسيقار رياض السنباطى والذي ظلت أم كلثوم تتردد عليه فى بيته فى مصر الجديدة وتجلس إلى جواره وهو يدندن رائعة الفيصل التى يقول مطلعها "من أجل عينيك عشقت الهوى.. بعد زمان كنت فيه الخلى ..وأصبحت عينى بعد الكرى..تقول للتسهيد لا ترحل ..يا فاتنا لولاه ما هزنى وجد ..ولا طعم الهوى طاب لى ..هذا فؤادى فامتلك أمره .. أظلمه أن أحببت أو فاعدل".
وقد استغرق تلحين هذه القصيدة كما يقول مصطفى الضمراني خمسة وأربعين يوما ًقبل أن تنتقل إلى الأستوديو لتسجيلها وأجرت عليها ما لا يقل عن عشر بروفات مع قائد فرقتها الموسيقية عازف القانون محمد عبده صالح لتنتقل بعد ذلك إلى دار سينما قصر النيل لتغنيها مع لحن الموسيقار سيد مكاوى الذى قدمته لأول مرة.. وحققت قصيدة من أجل عينيك نجاحا ًكبيرا ًفى الوقت الذى قدمت فيه مكاوى الذى كان على المسرح خلف الكواليس يتابع نجاح يا مسهرنى، وكان السنباطى يجلس مع أسرته فى مصر الجديدة يتابع نجاح رائعة عبدالله الفيصل ويسجلها على جهاز ريكوردر وهى عادة السنباطى الذى كان لا يحب الظهور على المسرح أو خلف الكواليس ويتابع فى هذه الليلة أداء أم كلثوم التى تجلت فى المقطع الأخير الذى تختم به الأغنية وتعيده مرتين بناء على طلب الجمهور الذى كان متعطشا ًلسماع اشعار عبدالله الفيصل وألحان السنباطى "لا تقل أين ليالينا وقد كانت عذابا .. لا تسلنى عن أمانينا وقد كانت سرابا ..أننى أسدلت فوق الأمس ستراً وحجابا ..فتحمل مر هجرانك وأستبق العتابا".