الكاتب : عثمان علام |
07:11 pm 24/11/2020
| 3057
ليس الحل في صلاح حال المجتمع والحفاظ على هويته ، وتلقين النبت الصغير تاريخ بلاده ، المدرسة أو الجامعة ، فالتعليم ترس صغير في مجموعة تروس كثيرة ، أكبرها الإعلام ، هو الذي يؤثر سريعاً ، وهو الذي يستطيع منفرداً أن يوجه عقل ووجدان الأمة في أسرع وقت ، وهو الذي يغتصب الآن عقولنا وعقول جيل بأكمله ، وهذه رسالته في كل زمان ومكان .
والإعلام لا ينطوي فقط على البرامج والنشرات ونقل الأخبار ، لكن الإعلام بمفهومه الشامل ، هو "سينما ومسرح ودراما ".
ترون كيف صور لنا الإعلام محمد رمضان بطلاً في مسلسل "البرنس"، الذي أذيع في رمضان ، فقد ظهر في شخصية البطل الغلبان الذي آذاه إخوته واكلوا حقه ، حتى عندما أخذ حقه بيده وتجاهل القانون تعاطفنا معه .
وهو نفس الإعلام الذي قدم محمد رمضان ، في أعمال درامية وأفلام أخرى ، كان بلطجياً وقطاع طرق ، وخلق له المؤلف ألف عذر وعذر ، وتعاطف معه شريحة كبيرة من الشباب "من سن 8 سنوات وحتى 25 سنة"، وهو الذي قدم لنا محمد رمضان ، صاحب الجماهيرية العريضة وهو يقوم بدور المطرب فى الساحل الشمالي ، حتى أن تذكرت الحضور تخطت الألف جنيه ، ووصل أيراد حفلة واحدة له كل الإيرادات التي حققتها حفلات أم كلثوم على مدار تاريخها .
وهو نفس الإعلام الذي جعلنا نتعاطف مع كثيرون من الأبطال ، المخمورين وتجار الحشيش ، وهو الذي جعلنا نتعاطف مع فنانات كثيرات أرتكبن الموبيقات على الملأ ، وعندما اعتزلن صورهن كأنهن العابدات الساجدات الراكعات الثيبات الأبكار .
والإعلام نفسه ، هو الذي يمارس علينا ثقافة الاغتصاب ، عندما يصور لنا أن بايدن أفضل من ترامب ، وأن أوباما كان أفضل من بوش الإبن ، وأن هذا أو ذاك قد يحل مشكلة العراق وسوريا وفلسطين وليبيا ، وكل الدول المنكوبة .
والإعلام نفسه هو الذي يغتصب عقولنا عندما يسوق لنا أشياء غير موجودة على أرض الواقع ، وهو الذي يجعلنا نصدق أن وزيراً قام بدور أكبر من سابقيه .
وهو نفس الإعلام الذي يحاول تفسير الدين على هواه ، واللعب فى الثوابت دون سند أو دليل .
وإعلام الإخوان هو نفسه الذي يحاول أن يصور لنا أن مصر بلد بلا أمن ولا عمل ، مع أن الواقع عكس ذلك ، غير أن الذين يتابعونهم تعرضوا لحالة اغتصاب عقلي فصدقوهم .
وهو نفس الإعلام الذي ظل يزعق في المانيا بقيادة جوبلز هوهو، ليصور لهتلر أنه الفائز .
والذي قال: أعطني إعلاماً بلا ضمير ، اعطك شعب بلا وعي ، كان صادقاً ، لأن الإعلام المقترن والنابع من الضمير ، يخلق شعب واعي وقادر على بناء وطنه .
ترون كيف أن إسرائيل عندما انهت ملف التطبيع الاقتصادي والثقافي مع عدد من الدول ، رأت أن مشكلتها الحقيقية ليس في فتح حدودها ، ولا فى السفر منها واليها ، بل في العداء الذي الكامن في ضمير الشعوب ، فسخرت لذلك برامج ومواقع على السوشيال ميديا ، في محاولة منها لتغيير عقول العرب لها ، وسربت صور الشاب الاسرائيلي مع محمد رمضان ، لأنها تعلم كم الجماهيرية العريضة التي يتمتع بها الفنان المصري ، فكل صغار السن والشباب الذي لا يعرفون وغير منشغولون بالقضية الفلسطينية وما فعله الصهاينة في حرب 1967 ، يمشون كالقطيع خلف محمد رمضان .
إن تأثير التعليم في عقول الناس ، لن يؤتي ثماره إلا باقترانه بوسائل الإعلام المختلفة ، ولن ينصلح حال العقول "صغيرة أو كبيرة"، إلا بصلاح حال السينما والمسرح والدراما وبرامج التوك شو ، وما عدا ذلك فكأننا نطحن الهواء أو نكتب على الماء .