الكاتب : عثمان علام |
07:50 pm 15/11/2020
| 3770
يوماً ما ، كنت اشفق على أمي من ضغوط أبي، حتى من مجرد أن يحملها مشقة إعداد الطعام له ، بل كنت اوشك أن اصفعه كما كان يصفعها ، لكن لم أكن لأفعل ذلك ابدا ، فأبي كان حنوناً رغم قسوته وسهلاً رغم صعوبته ومنكسراً رغم قوته ..كل شيئ كان ينتهي في دقائق ، لم يكن الخصام يطول ولا القطيعة تستمر ولا الهجران يدوم .
إن ميل الأبناء تجاه الأمهات أكثر من الآباء طبيعة فطرية ، اعتدنا عليها جميعاً منذ الصغر ، فهم ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻌﻮﺩون ﻣﻦ مدارسهم ﻳتجهون صوب المكان المعتاد لوجود أمهم ، ولا يتكبدون مشقة الزحف صوب المكان المتواجد فيه الأب ، ولا حتى مجرد عناء البحث عنه ، بينما يزعقون بأعلى الأصوات "ماما أنتي فين".. إن وجدت في مكان غير معتاد..هم يدفعون بأغلى ما يمكن أن يملكوه للأم دون التفكير فى الأب ، يوفرون من مصروفهم ويحملون وردة أو قطعة شيكولاتة اليها ، رغم ان الأب هو من يتعب وينفق ويتحمل ثقيل الأحمال من الهموم لأجلهم .
كنت أتعجب من أولادي عندما تدب خناقة بيني وبين امهم ، كأنهم لا يعرفونني ، كأنني غريب سطا عليهم وسلبهم شيئ عزيز لديهم ، يدخلون في شبه مقاطعة لي ، وكلاهما يهمس في اذني بعد هدوء العاصفة ،بأنني المخطئ وأنني لابد وأن اعتذر وأنني من بدأت المعركة .
ولفترة كنت اتعجب من هذا ، كيف لهم أن "يطنشوني"، وأنا الأب ؟..وكيف لهم أن يقاطعوني بكل هذه السرعة والسهولة ؟؟.. لكني بعد فترة فهمت وادركت أن حب الأم موجود منذ أن يتكون الجنين ، حبل سري موصول لا يملك الأب مثله ، أما حب الأب فمكتسب من الدفئ والحنان والشفقة والتواجد والإنفاق والحضن ، وهذه أشياء قد يكتسبها المرء مع من رباه بصرف النظر إن كان والده أو جده ..ولهذا ما عدت اعبئ بالتطنيش ولا التفضيل ولا حتى المقاطعة ، بل كثيراً ما أكون سعيداً بذلك ، وعندما اهدء واختلي بنفسي اشعر بالفخر ان ولداي يحبون ويحنون على أمهم اكثر مني ، فهما سلاحها وعكازها وظهرها ، وخروجهم على هذا النحو يبعث الطمأنينة في النفس ، لا سيما عندما تكون محباً وعاشقاً لتلك الأم التي ولدتهم .
والأبناء بطبعهم يحبون الآباء ، يميلون صوب الام أضعاف الأب ، "من أحق الناس بحسن صحابتي؟..قال: أمك ثم أمك ثم أمك "، "ص"، لكن ذلك لا يمنعهم من حب الأب ، غير أن ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ أنهم ﻻ ﻳﻜﺘﺸﻔﻮﻥ في الكثير من الاحيان ﺣﺒّﻬﻢ ﺍﻟﺠﺎﺭﻑ ﻵﺑﺎﺋﻬﻢ ﺇﻻ ﻣﺘﺄﺧﺮﺍً ، ﺇﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ، ﻭﺇﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﺮﺽ ، ﻭﻫﺬﺍ ﺣﺐ ﻣﺘﺄﺧﺮ ، حدث معي شخصياً ، أدركته عندما مات أبي ، شعور لا يمكن أن يدركه إنسان ، إلا من ذاق لوعة الفقد وذل الهجران .
وﺍﻵﻥ ﻛﻠﻤﺎ صعبت الدنيا وكلما ضاقت باذرعها وكلما اشقتني الحياة ، وكلما احتجت للحنان ، وكلما هزني الشوق ، اختلي بنفسي لحظات وابحلق في صورة أبي المعلقة فوق الجدران قائلاً : ﺃﻳﻦ ﺃﻧﺖ ﻳﺎ ﺃﺑﻲ ؟
عبدالحكيم السوسي
كلماتك شيقه وحقيقي انت انسان مبدع
رأفت
منذ عرفناك ونطلق عليك اديب قطاع البترول
نجلاء
السهل الممتنع
مظاليم
ياريت تكتب عن مظاليم شركات المقاول
دكتور سيد
اصبت كبد الحقيقة لا نعرف قيمة الاب الا بعد رحيله
نجوى عز
طول عمر الجريدة دي مصدر للاخبار الصحيحة والتي نثق فيها وكمان مقالاتها مشوقه
علي حسن
الاستاذ عثمان طول عمرك مبدع
مروه محمود
ما قرأت اجمل من هذا .. حضرتك انسان موهوب فعلاً وحساس