الكاتب : عثمان علام |
06:00 pm 26/09/2020
| 2703
حلم العودة هو الذي جعل الصهاينة يبذلون جهدهم ليكون لهم وطن .. وحلم العودة هو الذي يدفع الإنسان أحياناً لارتكاب الكثير من الأخطاء.. وحلم العودة هو الذي يدفع البعض لاقتراف الأخطاء حتى في حق من لهم فضل عليه.. وحلم العودة إلى الديوان هو الذي يجعل البعض يصبو إلى الديوان، ظناً منه أن ذلك محقق لا محالة .. وعجباً لقوم يطلبون ويرون ويظنون في أنفسهم الخير وهم الشر بعينه .
هناك رحلة واحدة يقطعها الانسان وحده، ولا يموت معه أحد ولا يموت له احد.. لا يسمع فيها كلمة وداع، ولا تجدي فيها دموع ولا تنفع معها دعوات..هذه الرحلة هي الموت ، موت الدنيا وموت الأخرة ، فالإنسان حين يموت، إنما يموت وحده، ولا يموت معه أحد، ولا يموت له أحد.. إنه هو الذي ينتهي، ويلقي كقطعة من الحجر بين اكوام التراب ، أو يُقصى إلى مكان لن يغادره إلا للأسوء .
ويقول أنيس منصور : الانسان حياته كالنهر الذي يجمع مياهه قطرة قطرة ويدور حول الصخور ، ويلتوي مع الشاطئين ، ويحمل أسماكا كبيرة تأكل أسماكا صغيرة ، ويحمل رواسب المنبع، رواسب الماضي، ثم اذا هو يلقي كل حمولته من ماء وتراب وسمك وجهاد وكفاح.. يلقيها جميعا في بحر الموت ، وفي بحر الموت تختفي حلاوة نهر الحياة .
ألم يكن ذلك احساسك يوماً، عندما حملت حقائبك وسافرت الي مكان بعيد ولو حتى لشارع التسعين ؟ .. ثم رحت تتلفت حولك ، فلم تجد يدا واحدة ترتفع من أجلك، ولم تر منديلا واحدا يولول لفراقك، ولم تلمح صدرا واحدا يعلو ويهبط .. ثم ادركت أنك علي سفر، وانك مسافر وحيداً، وان رحلتك ستقطعها وحدك دون علم من أحد .. ثم أدركت ان هذه الرحلة هي أشبه شيء برحلة الي العالم الآخر؟!.. نعم هو عالم المال لكنه أشد ضراوةً من المتسول يطلب من غيره الرحمة ولو بلقيمات يسد بها جوعه !
هل تطلعت الي وجوه الناس من المظاليم ؟.. الي وجوه من تجاوزت في حقهم وهم يتحدثون ، فهذا يقول : انه مجرم..وهذا يقول : لقد ظلمني وابعدني ..وذاك يقول : لقد كان ينوي بي الشر لو أن ابعده القدر ...انها حكايات من داخل القطاع .
ولكن ما هو الموت؟
هل امتناع النفس؟ هل امتناع النظر والسمع والاحساس؟ هل الانسان الذي لا يري إنسان ميت؟ ولكن في الناس من يفتح عينيه فلا يري شيئا ولا يجد متعة في شيء؟..هل الانسان الذي لا يسمع انسان ميت؟ ولكن من الناس من يفتح اذنيه فلا يسمع شيئاً ولا يجد متعة في شيء..حتماً الموت أن تعيش في هذه الدنيا وترى مذلتك على رؤس الأشهاد .. وحتماً لن تعود إلى الديوان !