الكاتب : عثمان علام |
09:57 pm 20/11/2019
| 2072
بحر أحزان الموت لا يجف ، وإن جف فإنه يترك أثراً فى النفس لا يستطيع الزمن مهما تتابعت أيامه أن يداريها أو يداويها.. ويا أيها الأحبة لكم في الذّكرى شجوني، من أجلها تدمع عيوني، فإذا طال الزّمان ولم تروني ، فابحثوا عنّي في عيون من أحبّوني، وإذا زاد الفراق، فهذا كلامي فيه تذكّروني.
فربما أراد الراحل أحمد عبدالله أن يقول هذه الكلمات لزوجته ، حتى تتذكره بها بعد الرحيل، فقد خار الجسد وضعفت دقات القلب، وتغير لون الوجه وضعف البنيان... وربما غابت هذه الكلمات عنه ولم يستطع أن يتفوه بها ، لأنه كان يعلم أن رفيقة دربه قد تلحق به بعد ستة أيام من رحيله..ومن يدري ، فالراحلون يشعرون ويحسون ويعلمون أكثر من أولئك الباقون ، لكنهم لا يتكلمون.
وربما رثته زوجته قبل رحيلها قائلةً : غابت شمسك عن سمائي يا حبيبي، فأصبح الكون كلّه ظلامٌ دامس، أصبح الكون كلّه من دون أيّ ألوان، وملامح، وأصوات، لم يعد سوى صدى صوتك يرنّ في أذني، لم أعد أرى ولا أتذكر سوى صورة وجهك، ونظرات عينيك عندّ الوداع.
وربما يكون هذا رثاء أشرف عبدالله لشقيقه الذي ظل ملازماً له في أخر أيامه، وربما تكون هذه الكلمات هي رثاء أولاده له ولأمهم ، وربما يكون هذا رثاءنا جميعاً لمن يرحل من الأهل والخلان ، فكل الذين تجرعوا مرارة فقد الأحبة ، أسودت الدنيا في عيونهم ، وهانت عليهم الحياة ، وأصبح الموت أقرب اليهم من البقاء .
وفي مواطن كثيرة يغيب الكلام ، ويخرس اللسان ، وتدمع العين ويحن القلب ، وتسكن الأعضاء ، فلا كلاماً يُقال ، ولا شعراً يُنشد ، ولا نثراً يذكر ، وسبحان من الهمني قوله تعالى لنبيه الكريم "إنك ميت وإنهم ميتون " ، حتى أُرثي بها الأستاذ أحمد عبدالله، و أُرثي بها زوجته ، وأُسديها إلى بنيه وذويه علها تخفف عنهم وطأة الفراق ...وإنا لله وإنا اليه راجعون .