للاعلان

Sun,24 Nov 2024

عثمان علام

اعترافات جريئة : جارية بورقة رسمية

اعترافات جريئة : جارية بورقة رسمية
سحر الجعارة

الكاتب : تعرضها- سحر الجعارة |

03:24 pm 19/10/2019

| منوعات

| 3877


أقرأ أيضا: Test

ألقى بى القطار في جوف العاصمة الشره: زحام وضجيج، وألف درب مفخخ بالخطر.. إنها بداية رحلة الهرب، تصورت أنى «سندريلا»، فحطمت أغلال العائلة، 

ورحلت إلى حلم العاصمة.. وكان زادى الوحيد: حفنة جمال، وباقة مواهب.. ووهم يسمى «فارس الأحلام»!.

نظرات أبى لا تزال مغروسة في ظهرى تدفعنى إلى بئر الجنون، كلمات «المُعلم» تهددنى بالفشل.. جلدونى حتى تعلمت الإصرار!.

صورة المحبوب كانت تطاردنى عبر لافتات الميدان الشهير، سخريته من موهبتى، من دلال خطوتى، من أنوثتى.. كان يحدثنى عن «العولمة» ويسميها محرقة «الحب».. عن معصرة الفقر التي تدق كل قلب، تحول الحب لأبيات شعر تدغدغ مشاعر الأثرياء.. جئت إلى القاهرة محاصرة برجال يسكنون تحت جلدى، يفزعوننى وكنت أبحث عن فقط عن «أمان ما»!.

كنت أبحث عن إنسان يسمعنى، يفك طلاسم أوجاعى.. حتى قابلت «الدكتور»، استقبلنى بابتسامة تائهة، بين تجاعيد وجهه لم أر قسمات القهر المحفورة بين ملامحه.. بدأت أروى له هزيمتى العاطفية: في قريتنا البعيدة: الحب «عار»، وأنا سلمته عقلى قبل جسدى. لست «عذراء».. ولست «عاهرة»: أنا عاشقة، إنه عذر أقبح من «فعل»، كنت أرى أن العهر هو أن أسلم جسدى دون حب، أن أوقع «ورقة» لأدخل سوق الرقيق!.

كفكف «الدكتور» دمعى، وأخذنى إلى ذلك المقهى البعيد، وبدأ يعرفنى في وسط الدخان الكثيف: عشرات المغدورات من العشق، الباحثات عن «فرصة ما».. مثلى تماما.. بينهن من تكتب الشعر، ومن تعرضت للسجن لتحرر بنات جنسها، يشربن الخمر بجنون، يعانقن الرجال دون خجل.. هناك لا فرق بين رجل وامرأة.. إلا بالموهبة، والنضال!.

رأيت لأول مرة سحاقيات وشواذ وعباقرة، رأيت نجوما لم أحلم بمصافحتهم، ورجال يدعون «النبوة»، ونساء بلا «رسالة».. لكنهم للعجب يؤمنون بالإنسان وحده.

كنت أشعر بغربة شديدة، أتمنى لو عدت لحضن أمى، تمنيت لو قتلونى ثأرا لشرفهم.. وفى قلب هذه الأجواء الغريبة كنت أزداد التصاقا برجل عمره ضعف عمرى.. أرجوه «الحماية» من النظرات الجوعى لالتهام جسدى، ولم يساعدنى في تحقيق طموحى لكنه أيضا ربطنى بأحبال مكهربة تشدنى إليه، إلى عالمه.

وأصبحت زوجته، قبل أن أسترد وعيى، تصورت أن مسافة السنين بيننا عوضا عن الأب الغائب، وانصاف المعلم، وغدر الحبيب.

تخيلت أن جمال سريرته يذيب النفور من ملامحه.. نعم دخلت سوق الرقيق بـ«ورقة زواج».. لكنه كان شحيح المشاعر، فقير الإنسانية، عديم الرجولة،

ضنين علىّ حتى بوقته، يبيعنى في أشد لحظات الاحتياج.. سرق شبابى في لحظة ضياع، ولا أدرى لماذا استسلمت؟.

كان عمرى يمر وأنا لا أملك «تذكرة عودة»، عاجزة عن استعادة نفسى، لا أقوى على رحلة هرب جديدة، اكتشفت أننى دفعت أغلى «بدل سكن»!.

وجدت نفسى مع رجل يحاسبنى على «الجنيه» الواحد، ولا يلبى احتياجاتى في الفراش، لم يوفر لى العمل الذي وعدنى به ولم أحقق شيئا من طموحى.. وبدأت أخاف أن أحرم من تحقيق أمومتى بعدما حرمنى من تلبية ظمأ أنوثتى.. ووقعت في حيرة فأنا لا أستطيع العودة إلى أهلى إذا طلقنى ولأ أتوقع أن يقبلوننى بعدما تزوجت بدون علمهم، ولا أستطيع حتى أن أطلب الطلاق وإلا سوف يصبح مصيرى في «الشارع»، وازدادت المصيبة بتزايد غيرته المجنونة علىّ، فلا زلت بعد عدة سنوات من الزواج «امرأة جميلة» وهو دخل في سن الشيخوخة وحياتنا الاجتماعية مليئة بالأصدقاء.. فقرر أن يسجننى في المنزل.

الآن، ألجأ إليك أملا في أن تخرجينى من حيرتى وترشدينى إلى القرار الصحيح.. فأنا بلا «سند» في الحياة لا أهل ولا عمل.. أما زوجى فقد تحول إلى مجرد «سجان»!.

يا صديقتى:

أنا أعلم تماما قسوة الغربة، وأقدر احتياجاتك الإنسانية والبيولوجية، رغم ضعفك وتخبطك طويلا واختيارك للرجل «الخطأ» للنجاة من «جريمة شرف».. ولا أقول من أهلك.. فقد هربت قبل أن يتهددك الموت أو يتحدد مصيرك ليس خوفا من «جريمتك» بل سعيا خلف «طموح» لم أفهمه من بين سطورك.

وكأن «النداهة» خطفتك إلى «العاصمة» بكل ما فيها من روعة وتوحش، من وعود براقة وسراب خادع، من نجوم وأشباه رجال ونساء شوهتهم التجارب القاسية.

ولم أفهم لماذا تزوجت برجل مسن، لم يحقق لك الأمان العاطفى ولا المادى، ولم يشبعك كأنثى إلا أن تكونى بالفعل تسددين «بدل السكن» بأبشع طريقة ممكنة ولو تمت تحت «غطاء شرعى» ..كنت أتمنى أن تتمسكى بحلمك وتحققى بعضا من طموحك.. ساعتها كان الوضع سيختلف.

الآن، ورغم مخاوفك من تخطى سن تحقيق الأمومة، ورغم غيرة زوجك المجنونة، عليك أن تبذلى أقصى جهد ممكن للاستقلال عنه ماديا، فالعمل هو «السلاح الوحيد» الذي يمكنك من تجاوز الظروف الحياتية الصعبة التي تمرين بها.

أنا أعرف نماذج كثيرة لبنات تغربن وواجهن قسوة الظروف الحياتية، لكنهن تغلبن عليها وصمدن، واستطاعت كل واحدة أن توفر لنفسها «حياة مستقلة».

للأسف لم تذكرى لى ما وصلت إليه من تعليم، ولكن حتى الشهادة ليست شرطا، فأحيانا بعض الأعمال البسيطة توفر دخلا معقولا.. حتى لو اضطررت لبيع أطعمة من منزلك.. أو ما شابه.

وحين تملكين إرادتك وقرارك المرهون باستقلالك المادى عن زوجك ساعتها ستجدين الحياة تفتح أبوابها من جديد.. ربما يدفعك النجاح لاسترضاء أسرتك، أو تبدئين حياة جديدة مليئة بالأمل في تحقيق ذاتك أولا وتحقيق حلم الأمومة وما يصاحبه من أحلام.

ملاحظتى الوحيدة أنك دائما تلجئين للحل الأسهل، أو بالأدق للهروب من مواجهة المشكلة، الآن يجب أن تواجهى نفسك في المرآة وتعترفين بأخطائك.. ومن هناك تبدأ رحلة إصلاح ما شاركتي في إفساده بضعفك وروحك الانهزامية واللجوء الدائم إلى «رجل» أو الهروب منه إلى رجل آخر!.

المصري اليوم

أقرأ أيضا: توقيع اتفاقيتين للمساهمة المجتمعية لقطاع البترول في دعم الرعاية الصحية بمطروح وبورسعيد

التعليقات

أستطلاع الرأي

هل تؤيد ضم الشركات متشابهة النشاط الواحد ؟