تواصل الأجيل ، ليس مجرد مصطلح تتفوه به الالسنة ، لكنه منهج حياة وتقدم لمؤسسات كثيرة تحرص على تطبيقه .
من واقع الأوراق ، فإن قطاع البترول مقدم على حالة ليست فراغ قيادي فقط، وإنما حالة انقطاع الأجيال "زي انقطاع الطمس بالظبط"، وإذا ما تابعنا حركة معاشات القطاع ومن سيخرج من الخدمة ، فبحلول عام 2020 لن يكون في القطاع أياً من القيادات القديمة ، ولن يتبقى سوى قيادات عمرهم الوظيفي لا يتعدى عشرون سنة ، وهو سن في عمر الوظيفة البترولية قد لا يعتد به ، إذا ما قورن بأعمار وظيفية تخطت حاجز ال 38 عاماً ، ولهذا فالقطاع بحاجة ماسة للإبقاء على جزء ولو بسيط من القيادات العتيقة الرقيقة ، والتي حققت رقماً قياسياً في العمل والإنجاز و في المسار العمري أيضاً .
إذا سألت في شركة مثل بتروجت ، وهي في حالة استقرار ، ما هي الادوات البشرية التي تعمل مع رئيس الشركة فلن تجد ، وستجد كل قيادات الشركة صغار السن وربما لم يعاصروا مشروعات كثيرة في الصرخ البالغ عمره 44 عاماً ، وليس هناك ما يمنع للتجديد لبعض القيادات بها ، والذي يتتبع تاريخ الشركة وحتى وقت قريب كان في بتروجت اكثر من 12 مساعد كل واحد منهم يصلح لرئاسة بتروجت .
وشركات كثيرة مثل جابكو وغاز مصر وسوكو ، وهناك قيادات خرجت ونقلت لاماكن اخرى ، ومن الممكن عودتهم لاماكنهم القديمة للعمل على نهضتها او استدعاء قيادات من الاحتياط ، والقانون لا يمنع .
إن هناك خوف وتوجس من خروج قيادة مثل المهندس السيد البدوي من pms هاصةً بعد ان حقق نهضة بالشركة واقالها من عثرتها حتى انها كادت ان تغلق ابوابها قبل ان يأتي اليها ، وامثال السيد البدوي كثيرون في القطاع ، فما الذي يمنع من الإبقاء عليهم ؟
وإذا كنا نتحدث عن العرف البترولي ، وهو عدم التجديد ، فاعتقد ان القطاع حدث به فراغ في كافة التخصصات سواءً فنية او ادارية او محاسبية او قانونية ، اما إذا كنا نتحدث عن القوانين ، فليس هناك ما يمنع قانوناً التجديد للقيادات، ففي القطاع الاستثماري مجلس الإدارة سيد قراره ومن حقه ان يختار من يمثله ودور الوزير تذكية ودعم من يراه مناسباً، اما في القطاع العام ، فقطاع البترول ليس اشد بيروقراطية من القطاعات الأخرى التي ابقت على قيادات بعد بلوغ الستين ، ومرفق الكهرباء خير شاهد على ذلك ، وفي قطاع الأعمال حدث ولا حرج ، بل ان وزارات كثيرة استعانت بقيادات من قطاع البترول ، ولدينا المهندس محمد الجوهري رائد التصنيع المحلي عمل بعد المعاش في وزارتين "قطاع الاعمال والصناعة"، ولايزال قادراً على العطاء، ولدينا ايضاً المهندس حسن عبدالعليم الذي يشغل رئيس شركة حلوان للاسمدة ، ولدينا الكيميائي سعد ابو المعاطي الذي تم التجديد له في شركة ابو قير للاسمدة ، ولدينا المهندس محمد شعيب الذي يشغل رئاسة شركة غاز الشرق ، ولدينا المهندس هاني ضاحي الذي يشغل رئاسة شركة وادي النيل ، واسماء كثيرة خرجت من القطاع ولاتزال تعطي وتنجز في اماكن كثيرة .
وإذا صدق المثل "اهل مكه ادرى بشعابها"، فأهل القطاع ادرى به ، وهم الجنود الحقيقية التي تستطيع ان تقف الى جوار الوزير لتنفيذ تكليفاته ، واعتقد ان تجربة حمدي عبدالعزيز تجربة تستحق الاشادة بها ، وهذا سيرفع الحرج والضغوط والهموم على الوزير ، وينطلق هو في مهامه السياسية .
ومن الممكن ان تحدد الوزارة اجراً مقطوعاً لأي قيادة يتم التجديد لها بعد المعاش ، منعاً لأي لغط وتفادياً لأي نقد ، وفي النهاية أي قيادة يتم التجديد لها على رأس المنظومة فهي فرد من آلاف الافراد الموجودون بالشركة ، الأمر الذي يعني ان التجديد ليس مكلفاً بالمرة ، وإذا كانت الوزارة هدفها الترشيد ، فهناك بنود أخرى كثيرة اولى باتباع برنامج الترشيد فيها ، اولها ضبط حركة السيارات التي تجوب الشوارع ليل نهار على حساب القطاع ويتم تحميلها على فاتورة الدعم ، هذا الدعم الذي يتحمله المواطن الفقير لصالح اصحاب الياقات البيضاء .