تحت رعاية المهندس طارق الملا وزير البترول جاري حاليا عملية إعداد وتطوير العنصر البشرى ضمن برنامج إعادة الهيكلة في قطاع البترول، حيث يؤكد أن الكوادر البشرية المدربة هى ما تحتاجه مصر حاليا فى مرحلة البناء والانطلاق، وأن الاهتمام بالكفاءات من خلال التدريب والتطوير يعد استثمار للحاضر والمستقبل. وأرى مع التوجه الحالي للتطوير وفى ظل تعليمات الترشيد نحتاج إلى وضع إطار لمفهوم تطوير العنصر البشري والإجابة على مجموعة من الأسئلة!
فهل نحن فى حاجة إلى برنامج إعداد كوادر بشرية؟ أم فى حاجة إلى إعادة النظر في معايير اختيار الكفاءات المتوفرة لبرامج التدريب حتى يتم تسكينها فى مكانها الصحيح وفقا لمعايير الأداء المهني وليس حسب الأهواء؟
وهل يعني التطوير إحباط الكفاءات باستبعادها لأنها لا تقدم فروض الولاء والطاعة ليتم إعادة تأهيل فقراء الإبداع من أصحاب الحظوة؟ أم يعنى التطوير الاهتمام بالكفاءات وتنميتها مع إلزام الجميع بمنظومة قيم ترعاها الشفافية والموضوعية والأمانة؟ ألا يعني التطوير وإعادة الهيكلة إعادة توزيع العناصر البشرية المتاحة وتوظيفها فى المكان الذي يتناسب مع طبيعتها وإمكانيتها وقدراتها بما يمنحها فرصة أكبر للمساهمة فى مجالها وزيادة الإنتاجية ومن ثم زيادة الإنتاج وتعظيم الفائدة، دون أن تتكلف جهة العمل المزيد من الأعباء ودفع تكاليف إعادة البناء والتأهيل للمحظوظين؟ ولا أعني هنا التدريب والتطوير.!
ولنضرب مثال: إن كنت من شلة المدير الإداري ومرضى عنك سيتم إعادة بناءك من جديد فمثلا ستتمتع بساعات خروج مفتوحة لحضور المحاضرات فى أوقات العمل الرسمية مع توفير سائق وسيارة من الشركة للذهاب والعودة، وستصبح كل إمكانيات الشركة متاحة لك لعمل بحث استقصائى أو تصوير أوراق المحاضرات والمراجع وطباعة الأبحاث وما إلى ذلك، ثم تدفع الشركة مصروفات وتكاليف شهادتك بالآلاف تحت أى مسمى المهم أنه يبرز الدور الفعال للشئون الإدارية فى تطوير وتنمية العنصر البشري المحظي فقط!! أما إذا كنت من شلة الغلابة غير المرضي عنهم فأنت مجبر ولا بديل عن أخذ أيام أجازة من العمل والتي تخصم من أجرك ورصيد أجازتك السنوية كى تذهب إلى جامعتك، وتدفع تكاليف الانتقال ومصروفات الدراسة مثل أي فرد طبيعي، وتصور المراجع والملازم وتطبع المادة العلمية على حسابك الشخصي. وفى النهاية قد لا يستويان فى نظر الإدارة بجهة العمل، على الرغم من أمانة الثاني وحرصه على التعلم وجهده فى تطوير ذاته، لأنه لا يخضع لمعايير كفاءة الشلة.
نحن إذا أمام خلل إداري متكرر بتفاوت حيث الطاقات الإنتاجية والمهارات الذهنية المهدرة على يد صانع القرار داخل كل جهة عمل، والذى يصل به حد المرض إلى التنكيل بصاحب الفكر الإبداعي لكسر شوكته وتثبيط عزيمته بما لا يدع مجال للتنافس والاستفادة من العناصر البشرية النابغة المتوفرة والمؤهلة بطبيعتها. وبالتالي نحن فى حاجة ملحة من الأساس إلى زيادة وعي المدراء بأهمية تحفيز العمالة للمساعدة في بناء الخطط وتنمية الإنتاج، وكيفية تقديم الحوافز لهم بمنتهى الموضوعية للتفاعل الإيجابي مع مراحل عملية التطوير. وفى حاجة إلى إعادة رسم سياسات وإقرار ضوابط وإجراءات تكفل الشفافية وتحارب الفساد الإداري وتعالج ظاهرة إهدار طاقات العنصر البشري داخل الشركات والهيئات على يد المفلسين فكريا ومعدومي الضمير.
قد نظل سنوات فى مراحل التطوير دون جدوى بينما الحل السريع فى كلمة واحدة فقط: الموضوعية!