إجراء مقارنات بين الدول حول الأسعار يقوم على فرضية أساسية وهى التماثل بين أطراف المقارنة فى العناصر حتى تكون النتيجة النهائية للمقارنة دقيقة ..
وتعتبر مشكلة الأجور أهم مشكلات اقتصاديات الدول النامية والدول المنتجة للبترول ، وذلك بسبب عدم التوازن والعدالة فى الأجور بين الأطراف ، والسبب في ذلك هو عدم تطبيق هذه الدول المعيار الحقيقي السليم للأجور، والذى يقوم على أساس الجهد المبذول خلال وقت محدد ، والذى يقدر بأجر الساعة أو اليوم أو الأسبوع أو الشهر أو الأجر بالقطعة ، وهو المعيار الذى لا تطبقه الدول النامية والدول المنتجة للبترول .
أما المشكلة الثانية وهى تعامل الغالبية العظمى من الدول مع منتجاتها المحلية بأعتبارها منتجات تجارية مستوردة من الولايات المتحدة الأمريكية بالدولار ، أو من الاتحاد الأوروبي باليورو ، فتجد المقارنات والقياسات تقوم بحساب الأسعار الأسمية والحقيقية من خلال تحويل سعر المنتج المحلى من خلال مقارنته بسعر المنتج الأمريكى محولا بالعملة المحلية وفقا لأسعار الصرف الرسمية .
وتلقى هذه العملية التحويلية ترحيبا وقبولا سواء من المؤسسات الحكومية وقوى المعارضة ورجال الأعمال فى كافة دول العالم ، على الرغم من أنها طريقة شاذة تصب فى صالح الاقتصاد الأمريكى فقط .
وسبب ذلك أن أسعار الصرف الرسمية لا يجوز حسابها إلا فى حالة سلعة مستوردة فعلا، ولا يجوز مقارنتها بأسعار المنتجات المحلية ، نظرا لوجود قيود على حرية رأس المال ، وحرية تداول السلع والخدمات ، وحرية حركة العمل .!!
فلا يمكن قبول اعتبار المنتج الوطنى منتجا أجنبيا، ووفقا للمقارنات الدولية للأسعار ، وقيم الدخل ، والناتج المحلى ، وبالتالى تعتبر الأسعار المحسوبة وفقا لأسعار الصرف الرسمية تمثل الأسعار الأسمية ، أما الأسعار المحسوبة وفقا لسعر تكافؤ القوة الشرائية تمثل الأسعار الحقيقية !!
وهذه الطريقة الحسابية أقرها البنك الدولى وإدارة التنمية الاقتصادية بالأمم المتحدة فى عام ١٩٨٥ ..
ومثال توضيحى للفرق بين الأسعار الأسمية والحقيقية للبنزين بين باكستان والولايات المتحدة الأمريكية .
سعر لتر البنزين فى باكستان ١٨ روبية يعادل ١٠٧ روبية وفقا لأسعار الصرف ، بينما كان سعره فى الولايات المتحدة الأمريكية ٧٤ ، ٠ من الدولار ، وهو مايعنى أن سعر البنزين فى باكستان يزيد على سعر البنزين الأمريكى بنسبة ٤٥ % ، بينما كافة السلع الباكستانية الأخرى تعادل ٢٠% منه !!!
ليكون سعر البنزين الباكستانى يعادل خمسة أضعاف سعره فى الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة بأسعار السلع الأخرى ، لذلك أى قرار حمائى تتخذه الولايات المتحدة الأمريكية يؤثر بشكل مباشر على حرية التجارة بين دول العالم بسبب حساب الأسعار المحلية على مستوى الأسعار العالمية التى يتم حسابها بسعر الصرف الرسمى ..
ودون مزايدات على دور وزارة البترول من أصحاب المصالح الخاصة ، فأنه لا خلاف على أن إصلاح ملف دعم المنتجات البترولية كانت له آثاره السلبية بالغة التعقيد والصعوبة على اقتصاديات المملكة العربية السعودية ، الكويت ، قطر ، إيران ، ليبيا ، فرنسا ، ومصر ، ويصعب إجراء مقارنات بين هذه الدول لأن العنصر الوحيد المتماثل بينهم هو الدولار الأمريكي !!!
إنجازات قطاع البترول أقرتها كافة المؤسسات المالية العالمية ووصفتها بالنتائج المبهرة خلال الفترة من ٢٠١٤ حتى ٢٠١٨ ، ألا أنه ينقصها الدور الحقيقى للإعلام الذى يبحث عن الأثارة أكثر من المصداقية .!!
