على مدار سنوات طويلة من الخبرة واكتساب المهارات وفي مواقع عديدة عاصرت نماذج متميزة للمدير القادر على نقل وتوصيل الفكرة والمعلومات بكفاءة وفاعلية، مدرب علي تجهيز الأفكار، ترتيبها، اختصارها وتلخيصها، مراجعتها يعرف كيف يتأكد من تحصيل المتلقين لرسالته بشكل صحيح.. بالفعل رأيت نماذج مشرقة لقائد يتمتع بالقدرة على اختيار الأوقات المناسبة لتوجيه فريق العمل ليضمن الاستعداد لتلقي مضمون رسالته على النحو المرجو، تعلمت منهم كيف أتجنب الأوقات الممقوتة لتلقي المعلومات واستيعابها مثل أوقات الاستعداد لمغادرة العمل، نهاية الأسبوع، صرف الراتب... إلخ.. شاهدت منهم التمرس على اختيار الالفاظ البسيطة المحددة للتعبير بما يناسب ثقافات المتلقين، يناقش المتلقين ليقيس مردود رسالته وإلى أي حد الفكرة والمعلومة قد وصلت بالكيفية والدقة التي يضمرها.. مستعد دائماً للاستماع، ويعلن ذلك بصدر رحب وسعادة تمنح ثقة المبادرة .. عندئذ أدركت أن ذلك هو الدافع في ألا يتردد أي فرد من فريقك في عرض ملاحظاته والمخاطر التي يتخوف منها ومقترحاته للتحسين بشكل يدعم مشاركة أكثر فاعلية في اجراءات التصحيح خاصة إذا ما كانت موضوعة بمشاركته.. كما ادركت أن المصداقية والواقعية المدعومة بأحداث سابقة واقعية ومعروفة للجميع تدعم اجابة أي اسئلة وتطفي عليها منطقية وقبول، عايشت هؤلاء القادة عن قرب ولاحظت التغير بقسمات وجوههم ونظراتهم في مواقف ومشاهد عديدة للتعبير عن رضائهم وامتنانهم أو استنكارهم عندما لا يكون للكلام والتوجيه مكان واستشعرت مدى تأثيرها على تابعيهم ومفعولها في تغيير الأنماط السلوكية.
من الثابت علميا أن استخدام اساليب اللوم والتأنيب عند وقوع خطأ، حادث، أو واقعة ما يزيد من مقاومة المتلقي للإفصاح عن الحقائق وتستحثه اتخاذ اسلوبا دفاعيا يصعب معه تمكن المدير من أن يضع يده على أسباب أي قصور كما أنها تمثل دعوة غير مباشرة للإصرار على نفس الأساليب المتبعة بالعمل كإثبات لسلامة مواقفه السابقة .. لذلك يمثل اسلوب التعلم والدروس المستفادة منحى أكثر فاعلية في ادارة النقاشات مع فريق العمل.. فعلى سبيل المثال يمكن توجيه سؤال عما يمكن بذله من جهود لمنع تكرار الخطأ بالـتأكيد سيكون سؤالا مقبولا ومحل ترحيب عما إذا كان السؤال عن أسباب وقوع الخطأ ومن المتسبب فيه؟!!.. عادة ما يفضل صياغة اسئلة واستفسارات لا تستهدف مرمى محدد بالإجابة ولكن تستهدف تعليق مفتوح تستطيع أن تقتنص منه الحقائق والمعلومات التي تريد أن تستوضحها.
والخلاصة أن توجيه وتنظيم وتنسيق جهود الأفراد في سبيل تحقيق أهداف وغايات معينة هي روح الإدارة. من الضروري أن يكون المدير محدداً في مفاهيمه وافتراضاته في علاقته بمرؤوسيه ولديه استراتيجية واضحة في التعامل معهم لتحقيق سلامة فريق العمل أثناء العملية الانتاجية، وليتمكن المدير من ذلك لا مفر أن يمتلك فن ومهارة التواصل مع المرؤوسين ليس فقط لتوصيل المعلومات الضرورية لإنجاز المهام المحددة لهم بكل دقة وأمان، بل ليتمكن ايضا من الاستفادة من مشاركاتهم ورؤياهم في التحسين المستمر لمنظومة السلامة.
