أسهل مبرر يساق للتخلص من المطالبة بأى زيادة مالية هو أن الهيئة العامة للبترول معسرة وتعانى من الأزمات المالية ومن الصعب عليها تحمل أى زيادة فى ظل برنامج ترشيد النفقات والإصلاح المالى .
بالرغم من أن الحقيقة خلاف ذلك، بل أن الهيئة العامة للبترول أكبر دائن داخلى للحكومة، وهي العمود الفقري للوضع الإقتصادي الأمن .
وفى صورة جديدة للدائن الفقير ، الذى يقوم بالوفاء بالتزاماته على الرغم من اعسار المدين وعدم وفائه بالثمن ، لتزداد المديونية يوم بعد يوم ، وعام بعد عام لترتفع مديونية الهيئة العامة للبترول لدى الحكومة لتصل إلى ٤٥٠ مليار جنيه !!
والصورة الظاهرة للهيئة العامة للبترول أمام الجميع أنها مدينة ومقترضة ، وتعانى من أزمات قلة السيولة النقدية وارتفاع مديونية الشركات الأجنبية ، والاقتراض من البنوك المحلية والعالمية لتنفيذ المشروعات، على الرغم أن الهيئة أكبر دائن مالى للحكومة، إلا أن الواقع يقول دائن فقير ومدين مسرف يحصل على الدين ولايسدده .
واستقراء مديونية الهيئة العامة للبترول لدى الحكومة وفقا للتصريحات الصادرة خلال السنوات الأخيرة ، تكشف الزيادة الرهيبة للديون و التى سيكون لها آثارها السلبية على النظام المالى فى حالة عدم وجود خطة للديون المكتوبة والثابتة بالأوراق والمستندات !!
التصريح فى أوائل عام ٢٠١٥ ، عن وجود اتفاق على جدولة مديونيات قطاع البترول البالغ قيمتها ١٠٠ مليار جنيه ، عقب الانتهاء من إعداد مقاصة بمستحقات قطاع البترول لدى الخزانة العامة بقيمة ٥٠ مليار جنيه أخرى ، وقد حددت إحدى الدراسات المالية الحكومية أن قيمة التشابكات المالية بين الجهات الحكومية 1.2 تريليون جنيه !!
وقد الاتفاق لإتمام عملية المقاصة إصدار الجهاز المركزى للمحاسبات شهادات معتمدة بالمديونية المستحقة لقطاع البترول لدى عدد من الجهات الحكومية ، ولم يكتب النجاح بسبب تضارب الأرقام وإنكار بعضها للمديونية .
وأصدر الجهاز المركزى للمحاسبات تقريره فى يونيو ٢٠١٧ ، فقد بلغت الحسابات المدينة للهيئة العامة للبترول ٢٥١ مليار و ١٠٣ مليون جنيه موزعة على النحو التالي :-
مديونية وزارة المالية ٩١ مليار و ٩٢٩ مليون جنيه ، منها ٣٨ مليار و ٣٠٢ مليون جنيه قيمة الدعم ، و ٢١ مليار و ٣٧٩ مليون جنيه قيمة ما حصلت عليه وزارة المالية من قرض مورجان ستانلي وجربى مورجان ، ومنحة أديسون ، وابوقير للأسمدة ، وفروق أسعار الغاز الطبيعى وأرباح شركة ميدور للتكرير ، و التى يجب أن تؤول أرباحها لصالح الهيئة العامة للبترول وفقا لأحكام تأسيسها ، وفتوى مجلس الدولة فيما يتعلق بارباح شركات قطاع الأعمال العام !!
أما مديونية قطاع الكهرباء ٨٢ مليار و ١٦٤ مليون جنيه ، منها ٣٨ مليار و ٦٠٥ مليون جنيه فروق أسعار منتجات وفروق أسعار غاز ونولون وسولار .
أما مديونية قطاع الأعمال العام ٥ مليار و ٨٧٨ مليون جنيه ، مديونية السكك الحديدية ٢ مليار جنيه ، مديونية قطاع الطيران المدني ٥ مليار و ٣٧١ مليون جنيه .
وارتفعت مديونية قطاع الكهرباء فى أغسطس ٢٠١٧ ، ٧٠ مليار جنيه فى ظل عدم سداد قيمة الاستهلاك الشهرى من المنتجات لتتراكم الديون على قطاع الكهرباء لتصل فى مارس ٢٠١٨ ، ١٢٦ مليار جنيه تتحمل وزارة الكهرباء سداد ٩٠ مليار جنيه قيمة المديونية ، و ٣٦ مليار جنيه تسددها وزارة المالية فروق دعم المنتجات البترولية الموردة لمحطات الكهرباء .
وتبلغ المديونية الشهرية لقطاع الكهرباء والمستحقة للهيئة العامة للبترول ٧ مليار جنيه شهريا ، ٢ مليار تسددها وزارة المالية ، و٥ مليار جنيه ديون متراكمة تمتص قوة الهيئة المالية .!!
والبيانات الصادرة عن وزارة البترول فى مايو ٢٠١٨ ، بأن إجمالى مستحقات الهيئة العامة للبترول لدى الجهات الحكومية تبلغ 607.667 مليار جنيه ، نتيجة استهلاك محطات الكهرباء لنسبة ٦٠ % من إجمالى الاستهلاك المحلي من الغاز الطبيعى .
المديونية المستحقة للهيئة العامة للبترول 344.705 مليار جنيه ، وزارة المالية 216.205 مليار جنيه ، قطاع الأعمال العام ١٣ مليار ، الطيران 7.9 مليار ، النقل 3.878 مليار جنيه ، الصناعة سولار ومازوت 1.063 مليار جنيه ، مصانع الغاز الطبيعى 12.444 مليار جنيه ، والمبالغ التى تسددها هذه الجهات لصالح الهيئة العامة للبترول ضئيل جدا لا يتجاوز 3.477 مليار بنسبة ١% من إجمالى المديونية !!
أما وزير المالية فقد صرح فى يونيو ٢٠١٨ ، أن حجم الاستهلاك من المنتجات البترولية محروقات وغاز طبيعى ٨٠ مليون طن ، ٢٠ مليون حجم الإنتاج ، و٦٠ مليون طن يتم استيرادها من الخارج بواسطة الهيئة سواء بشراء حصص الشركاء الأجانب أو الاستيراد ، وقد بلغت مديونية الهيئة العامة للبترول لدى الجهات الحكومية ٤٥٠ مليار جنيه !!
حجم مديونية الهيئة العامة للبترول يقترب من نصف تريليون جنيه ، وتزداد المديونية وتؤثر سلبا على الجميع ، فالهيئة الدائنة تحتاج إلى سيولة دائمة لمواجهة احتياجات السوق المحلى ، والوفاء بمديونية الشركاء الأجانب لضمان الحصول على حصصهم من الإنتاج !!
وعلينا جميعا تخيل حجم المأساة التى يعيشها قطاع البترول الدائن الفقير الذى يطبق برنامج الإصلاح على الرغم أنه أكبر دائن، فلو أن مديونية الهيئة ٤٥٠ مليار جنيه له خدمة دين، فكم حجم المبالغ المستحقة للهيئة ؟؟ والهيئة العامة للبترول هى الأب الشرعى لجميع الشركات التى تعانى من أزمات مالية متنوعة على الرغم أن مديونية الأب ٤٥٠ مليار أكبر دائن للحكومة وأوضاع العاملين به شيش بيش !!