- المشتقات المنتجة من برميل البترول الواحد تكلف الدولة 1355 جنيها وتُباع بـ643
- الدولة تتحمل 53% من قيمة المشتقات البترولية مقابل عوائد بيع قدرها 47%
- قفزات الأسعار تكلف 21 مليار جنيه إضافية فى 2017/ 2018 لتسجل الفاتورة 130 ملياراً
- 145 مليار جنيه تكلفة واردات البترول.. وإجمالى ما تتحمله الدولة 18% من الموازنة العامة
- 255 مليار جنيه تتحملها الدولة للوقود وفارق السولار 765 قرشا
ربما تكون الزيادة المرتقبة فى أسعار الوقود، أول تحريك للأسعار لا يحيط به لغط وشائعات، على خلفية الإعلان عنها منذ نهاية السنة المالية الماضية، خلال يونيو 2017، فى مسلك جديد من الحكومة باتجاه المكاشفة وإطلاع المواطنين على آليات صنع القرار، وفق شراكتهم العضوية للدولة فى تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى، وتحسين مؤشرات الأداء المالى للدولة، وإصلاح الاختلالات الهيكلية فى الموازنة العامة وفجوة الإيرادات والمصروفات، وربما لهذا تتضاءل الشائعات حول الأمر، ففى الوقت الذى تنفى فيه الحكومة وجهاز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عشرات الشائعات أسبوعيا فيما يتصل بعدد من الوزارات والقطاعات التنفيذية، تسير سوق الوقود فى مسار هادئ ومتزن، دون ارتباك أو تضليل.
خطوة تحريك أسعار الوقود تستهدف بالأساس إصلاح خلل هيكلى فى منظومة الدعم، والحفاظ على النجاحات المتحققة فى الهبوط بمؤشر عجز الموازنة العامة، ولكن ارتباط ملف الوقود بمنظومة إنتاج وتجارة وتسعير دولية، ربما لا يمنح الحكومة فرصة كاملة للسيطرة على المؤشرات والأرقام التى تتضمنها الموازنة بشأن تكلفة تدبير المشتقات البترولية، ويظل الأمر مرهونا بالتوقعات والقراءة الاحتمالية لحالة سوق النفط عالميا، والتأثر الكبير محليا بالاهتزازات التى قد تشهدها هذه السوق، مع تقلبات الظرف السياسى وتصاعد الصراعات الدولية فى مناطق استراتيجية مؤثرة بقوة فى معادلة إنتاج وتجارة النفط، ما يثير سؤالا مهما مع استعدادنا لسريان الموازنة العامة الجديدة 2018/ 2019، وهامش تحريك السعر المنتظر لضبط اختلالات سوق الطاقة والتفاوت الكبير بين مدفوعاته وإيراداته، وهو: إذا كانت لدينا ثقوب فى برميل الزيت بفعل الظروف الاقتصادية والاختلالات الموروثة، فماذا لو اشتعلت سوق النفط عالميا، وتسبب اشتعالها فى تعدد واتساع هذه الثقوب؟.
تطورات فاتورة الدعم
لأن مصر ليست لاعبا كبيرا فى سوق إنتاج النفط، فإنها تدبر نسبة غير هيّنة من احتياجاتها عبر الاستيراد، ما يعنى تحمل فاتورة واردات وفق الأسعار العالمية، مضافا إليها تكلفة النقل والتخزين والتكرير، مقابل سعر بيع نهائى ثابت ومدعوم بنسبة كبيرة، وهو ما يُترجم بشكل مباشر إلى معادلة طردية تشهد مزيدا من الارتفاع فى تكلفة الدعم مقابل ارتفاع الأسعار وتحركها عالميا.
فى موازنة العام المالى الجارى 2017/ 2018 خصصت الدولة 110 مليارات و148 مليون جنيه لدعم الوقود والمنتجات البترولية، وفق مربوط سعر عالمى 57 دولارا للبرميل، ومن المرجح أن تصل هذه الفاتورة إلى 130 مليار جنيه مع نهاية السنة المالية آخر يونيو، تقابلها أكثر من 100 مليار جنيه للفرص البديلة من المنتج المحلى، ما يعنى فاتورة إجمالية تتخطى 220 مليار جنيه، أما فى الموازنة الجديدة 2018/ 2019 فقد خصصت الدولة لدعم الوقود 89 مليارا و85 مليون جنيه، بتقدير 67 دولارا للبرميل، بحسب البيان المالى الذى عرضه وزير المالية على مجلس النواب الشهر الماضى، تقابلها أكثر من 160 مليار جنيه تكلفة الفرص البديلة، بفاتورة إجمالية تتجاوز 255 مليار جنيه، ما يُعنى أنه فى الوقت الذى ارتفع فيه سعر البترول بالموازنة 10 دولارات للبرميل، وانخفضت فيه قيمة الدعم بالموازنة الجديدة 21 مليار جنيه تقريبا، قياسا على الموازنة الجارية، ارتفعت قيمة ما تتحمله الدولة 60 مليار جنيه تقريبا عن السابق، وإذا كان كل دولار زائد فى سعر البرميل يُكلف الموازنة بين 2 و3.5 مليار جنيه، حسب المشتقات ومعاملات التكرير، فإن قفزة السعر العالمية الأخيرة أضافت عبئا على الموازنة يتجاوز 25 مليار جنيه، أى أكبر من قيمة تراجع الدعم الظاهرية فى مشروع الموازنة.
سعر البوتاجاز محليا وسعر استيراده وما تتحمله الدولة من فارق
نار الأسعار تهدد الموازنة
المشكلة التقليدية للموازنات أنها حساب استباقى، يقوم بدرجة كبيرة على التوقع، ويُفاجأ كثيرا بحركة السوق وتطوراتها، هكذا وضعت موازنة 2017/ 2018 سعرا تقديريا لبرميل البترول 55 دولارا وتجاوز البرميل 70 دولارا قبل انتهاء السنة المالية، ووضعت الموازنة الجديدة 2018/ 2019 سعرا تقديريا 67 دولارا للبرميل، ويُرجح وفق توقعات خبراء بسوق النفط، وحالة الخريطة الجيوسياسية لمراكز إنتاج النفط الكبرى عالميا، أن يتجاوز السعر خلال الأسابيع المقبلة حاجز الـ80 دولارا، وربما يلامس حدود الـ100 دولار قبل نهاية العام الجارى، أو نهاية العام المالى الذى تغطيه الموازنة.
سعر السولار محليا وسعر استيراده وما تتحمله الدولة من فارق
القفزات التى حدثت فى الفترة الأخيرة وكلفت الموازنة العامة الجارية 21 مليار جنيه إضافية، يُرجح حال استمرارها، وفى ضوء التوقعات المشار إليها سلفا أن تتحمل الموازنة العامة الجديدة فارقا أكبر كثيرا من الـ21 مليارا، فإذا كان كل دولار يكلف الدولة 3 مليارات جنيه فى المتوسط كما أشرنا، والموازنة الجديدة تقدر سعر البترول بـ67 دولارا للبرميل، فإن وصوله إلى 80 دولارا يعنى فارقا يقترب من 40 مليار جنيه، ووصوله إلى 100 دولار يعنى 100 مليار جنيه تقريبا، وللأسف لا سبيل لتلافى هذه التأثيرات دفعة واحدة وبشكل نهائى، إذ تظل المعادلة الطردية حاكمة للعلاقة بين السعر العالمى وفاتورة الدعم والفرص البديلة، والنتيجة النهائية أن الموازنة العامة تبقى فى مرمى الضربات كأنها «كيس ملاكمة»، ويبقى الوضع مهددا بالاشتعال كلما توترات العلاقات الدولية أو قررت «أوبك» تقليل الإنتاج، وغيرها من العوامل المؤثرة على تسعير النفط دوليا، ولا حل إلا الذهاب رأسا باتجاه إصلاح الاختلالات الهيكلية الداخلية قدر الإمكان.
سعر المازوت محليا وسعر استيراده وما تتحمله الدولة من فارق
بين الاستيراد والتكرير
سجلت آخر مستويات إنتاج البترول فى مصر أقل من 660 ألف برميل يوميا، بحسب تصريح خلال الشهر الماضى للمهندس عابد عز الرجال، الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للبترول، أى أن إجمالى الإنتاج السنوى 240 مليون برميل تقريبا، نصفها حصة الشريك الأجنبى، نحصل عليها بالسعر العالمى ويُمكن حسابها على فاتورة الواردات، إذ تتقارب تكلفتهما، باستثناء تراجع هامش النقل فى حصة الشريك الأجنبى قياسا على واردات الخارج.
بجانب حسابات توفير الخام فإن لعملية التكرير حساباتها، فبرميل البترول الذى تبلغ سعته 42 جالونا، أى 158.57 لتر، تتراوح تكلفة تكريره بين 7 و10 دولارات، وينتج ما يقرب من 44 جالونا من المشتقات البترولية، أو 169 لترا، بزيادة 10 لترات عن كمية الخام، وهى نسبة الزيادة الناتجة عن عملية المعالجة والتكرير التى تزيد الحجم، وتُعرف لدى العاملين فى المجال بـ«مكسب التكرير»، ولكن توزيع هذه المشتقات ونسبها يرتبط بعملية التكرير وكفاءتها وحالة المعامل والتجهيزات الفنية، لهذا تختلف كمية المشتقات الناتجة عن تكرير برميل واحد من النفط بين مكان وآخر، ودولة وأخرى، وأجواء مناخية وأخرى، ولكن يمكن النظر فى أحد أكثر هذه المتوسطات شيوعا، وهى تتوافق مع حالة معامل التكرير المصرية، وفيها ينتج عن برميل البترول 73 لترا من البنزين بأنواعه، و38 لترا من السولار، و14.8 لتر من وقود الطائرات، و6.5 لتر من الغاز المُسال، و25.7 لتر من المنتجات الأخرى، و4.7 لتر من مخلفات التقطير.
سعر بنزين 80 فى مصر والسودان
بالنظر لقيمة التكلفة والعوائد فإن عوائد إنتاج برميل البترول وفق أسعار الوقود محليا يمكن حسابها كالتالى: 73 لتر بنزين فى 4 جنيهات متوسط سعر اللتر بإجمالى 292 جنيها، و38 لتر سولار فى 3.65 جنيه بإجمالى 138 جنيها، و14.8 لتر وقود طائرات فى متوسط 9 جنيهات بإجمالى 133 جنيها، و6.5 لتر من الغاز المسال بمتوسط 15 جنيها «نصف سعر أسطوانة البوتاجاز»، و25.7 لتر من المنتجات الأخرى بـ65 جنيها وفق متوسط سعر طن المازوت، أى أن محصلة عوائد إنتاج المشتقات المختلفة من برميل البترول الواحد 643 جنيها، مقابل تكلفة استيراد 67 دولارا «حسب مشروع الموازنة الجديدة»، وتكلفة تكرير 10 دولارات، بإجمالى 77 دولارا تساوى 1355 جنيها وفق متوسط سعر الصرف حاليا.
سعر بنزين 80 محليا وسعر استيراده وإجمالي ما تتحمله الدولة من فارق
سوق الوقود فى مصر
حسب آخر الإحصائيات المتوفرة، يبلغ إجمالى استهلاك الأسواق المصرية من الوقود 97.13 مليون برميل سولار «15 مليارا و444 مليون لتر»، و69.18 مليون برميل بنزين بأنواعه «11 مليار لتر»، و4 ملايين و125 ألف طن غاز مسال «330 مليون أسطوانة بوتاجاز»، و8 ملايين و60 ألف طن مازوت.
فى ضوء نسب المكونات السابقة، فإننا نحتاج لتدبير استهلاكنا من السولار مثلا إلى ما يقرب من 410 ملايين برميل بترول سنويا، توازى 31.5 مليار دولار وفق متوسط مقارب للأسعار الحالية، تُضاف لها تكلفة تكرير 4 مليارات دولار تقريبا، أى أن إجمالى الفاتورة 35 مليار دولار، أو 616 مليار جنيه، وبالنظر لنسبة العوائد لقاء التكاليف، 643 جنيها مقابل 1355 جنيها، فإننا أمام 53% تقريبا من الفاتورة تتحملها الدولة والموازنة العامة، إما فى صورة دعم مباشر للأسعار، أو فرص بديلة، قياسا على سوق النفط الدولية وعوائد الشريك الأجنبى والمنتجين الآخرين، مقابل 47% توفرها عوائد التسويق وبيع المنتج النهائى.
سعر بنزين 92 بين مصر والدول العربية
وفق الصيغة القائمة لمعادلة التسعير ومستويات الفوارق بين التكلفة وسعر المنتج النهائى، فإن أى تحرك باتجاه إعادة تسعير المشتقات البترولية يستهدف بالأساس التراجع بالفارق الضخم بين التكلفة والعوائد، وتقليل نسبة العجز بين مصروفات سوق الطاقة ووارداتها، وليس الوصول للربح، أو حتى لمستوى التعادل، إذ تتطلب درجة التعادلية مضاعفة الأسعار القائمة، أو بدقة أكبر زيادتها بما بين 110 و120% لمستوى السعر القائم، أى إضافة ما يتراوح مت بين 110 و120 قرشا تقريبا لكل جنيه فى سعر المادة البترولية أو نوع الوقود، ولتقريب الصورة فإن هذا يُعنى أن يقفز سعر البنزين 92 أوكتان من 5 جنيهات إلى 11 جنيها للتر، وهو بالضبط سعر استيراده من الخارج، أى أن الدولة تتحمل 6 جنيهات مقابل كل لتر بنزين 92 يحصل عليه المستهلك النهائى بـ5 جنيهات، والحديث عن قدرة الموازنة العامة على السير بهذه الساق العرجاء يحتاج للمراجعة، والعمل الجاد لضبط هذه الفجوة، والحفاظ عليها فى مستويات آمنة، تضمن قدرة الدولة على تحمل أعبائها دون اهتزازات أو مشكلات طارئة، وبالتالى تضمن توفر الوقود للمستهلك النهائى بما يحافظ على انتظام السوق واستمرار تناميها.
سعر بنزين 92 محليا وسعر استيراده وإجمالى ما تتحمله الدولة من فارق
تحليل المنتجات البترولية
فى تقرير اقتصادى حديث لتحليل سوق المنتجات البترولية فى مصر، تشير المؤشرات إلى نسبة عجز تقترب من 40% بين المنتج المحلى والاستهلاك، يجرى تعويضها عبر الاستيراد وفق الأسعار الدولية، ففيما يخص السولار مثلا نستهلك 15 مليارا و44 مليون لتر، 56% منها إنتاجا محليا، مع عجز نسبته 44% بإجمالى 6 مليارات و780 مليون لتر يتم استيرادها، بسعر 11.3 جنيه للتر، وقيمة إجمالية 76 مليارا و614 مليون جنيه، وفيما يخص بنزين 80 يبلغ استهلاكنا 5 مليارات و217 مليون لتر، 60% منها إنتاجا محليا، مع عجز نسبته 40% بإجمالى مليارين و68 مليون لتر، ويتم سد الفجوة عبر استيراد كمية العجز بسعر 9.8 جنيه للتر وقيمة إجمالية 20 مليارا و266 مليون جنيه، أما استهلاك البنزين 92 فقد سجل 4 مليارات و416 مليون لتر، بعجز مليار 751 مليون لتر، نسبته 40%، وتكلفة استيراد 19 مليارا و261 مليون جنيه، ويسجل استهلاك المازوت 8 ملايين و60 ألف طن، بنسبة عجز 8%، وتكلفة استيراد 5 مليارات و384 مليون جنيه، وسجل استهلاك البوتاجاز 330 مليون أسطوانة بنسبة عجز 55% وتكلفة استيراد 23 مليارا و674 مليون جنيه.
مقارنة سعر بنزين 95 بين مصر والدول العربية
بحسب التقرير، فإن الفاتورة الإجمالية للواردات البترولية تتجاوز 145 مليار جنيه، وبإضافة القيمة المسددة للشريك الأجنبى عن حصته من الإنتاج المحلى، إضافة إلى الفرص البديلة فى ضوء القيم المكافئة للإنتاج المحلى وفق مستويات التسعير عالميا، فإن الفاتورة تقفز إلى 255 مليارا و815 مليون جنيه، قيمة ما تتحمله الدولة سنويا لضبط أوضاع سوق الطاقة وتجسير الفجوة بين تكلفته وعوائده، وهى نسبة تتجاوز الـ18% من إجمالى الموازنة العامة للدولة، باتخاذ مشروع موازنة 2018/ 2019 مرجعية للتقييم.
الفجوة الضخمة القائمة فى سوق الطاقة كان من أسبابها تراكم مستحقات الهيئة العامة للبترول لدى الوزارات والجهات الحكومية المختلفة، وهو ما يؤثر على استثمارات الهيئة وشركاتها فى البحث والتنقيب وتطوير المعامل ومرافق التكرير، وربما استيراد الاحتياجات اللازمة من البترول ومشتقاته، فبحسب التقرير المشار إليه تبلغ مستحقات الهيئة لدى الحكومة 344 مليارا و705 ملايين جنيه، مسدد منها 1% فقط مقابل 99% ديونا متراكمة، بواقع 216 مليارا و205 ملايين جنيه على وزارة المالية، و107 مليارات و667 مليون جنيه على قطاع الكهرباء، و7 مليارات و943 مليون جنيه لدى قطاع الطيران، و3 مليارات و878 مليون جنيه لدى وزارة النقل، و13.5 مليار جنيه للغاز الطبيعى ومنتجات بترولية أخرى لدى عدد من الجهات، واستمرار الفجوة بنسبتها الحالية يعنى استمرار تصاعد الديوان، وربما عجز الهيئة العامة للبترول مستقبلا عن إدارة الملف.
مكونات برميل النفط من المشتقات البترولية المختلفة
أسعار الوقود فى المنطقة
ربما تبدو الأرقام صادمة فى ضوء نسب العجز وإجمالى ما تتحمله الدولة لسدّ الفجوات القائمة فى سوق الطاقة، ما يحتاج للنظر لأسواق الطاقة المجاورة لاستكشاف الصورة وتقييم تكلفة الإنتاج محليا، وهل تقف عند مستويات طبيعية وعادلة أم لا، ومن هذا الباب إذا نظرنا لخريطة أسعار الطاقة فى مصر فإن لتر البنزين 95 الذى يسجل 660 قرشا، تحتل مصر به المركز الرابع بين الدول العربية من حيث رخص سعره، فبينما تقل أسعاره فى ليبيا والكويت والجزائر عن مستوى 6.6 جنيه، تتراوح بين 9.5 جنيه فى البحرين و31.3 جنيه فى فلسطين، وفيما يخص بنزين 92 تأتى الكويت فى المرتبة الأولى كأرخص بلد عربى بما يوازى 4.97 جنيه مصرى للتر، تليها مصر بـ5 جنيهات، ثم تتراوح الأسعار بين 6 جنيهات فى الجزائر و20.3 جنيه فى الأردن، وبينما يسجل سعر البنزين 80 فى مصر 3.65 جنيه للتر، يسجل فى السودان 16.4 جنيه، وفى مقابل 30 جنيها لأسطوانة البوتاجاز فإنها تسجل سعر تكلفة يدور حول 180 جنيها.
نسبة المبالغ المسددة للهيئة العامة للبترول من إجمالي الديون الحكومية
النقطة الصادمة فى الأمر، أن التقرير السابق اعتمد فى حساباته سعرا تقديريا للبترول عند 77 دولارا للبرميل، بينما تقدره الموازنة العامة 2018/ 2019 بـ67 دولارا للبرميل، ولكن أسعاره مؤخرا لامست مستوى 80 دولارا للبرميل، والأمر مرشح للتصاعد مع توتر الأجواء فى المنطقة العربية، وانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووى الإيرانى، والعقوبات المفروضة على إيران وفنزويلا، وتمديد «أوبك» لسياسات خفض الإنتاج، ما يعنى أننا بصدد التحرك لمستويات قد تلامس الـ85 دولارا تقريبا، وربما تقترب من 100 دولار قبل نهاية العام، وعلينا أن نتذكر أن كل دولار زائد فى سعر برميل البترول يكلف الموازنة العامة 3 مليارات جنيه.
المؤشرات فى هذا الملف عديدة، والأرقام كثيفة ومتداخلة، وكلها تشير إلى فجوة واسعة بين ما تتحمله الدولة وما تحصل عليه، لا سيما أنه لا يمكن اعتبار مصر دولة بترولية، وأن إنتاجها السنوى من البترول أقل من إنتاج أسبوعين إلى 3 أسابيع للمملكة العربية السعودية أو العراق أو إيران أو فنزويلا أو نيجيريا، وحتى هذا الإنتاج تدفع نصف قيمته بالسعر العالمى، باعتباره حصة الشريك الأجنبى، وما تكشفه الشواهد ويؤكده الخبراء أن استمرار هذا الخلل الهيكلى يهدد استقرار سوق الطاقة واستدامة نموّها، ويؤثر على عمليات التنمية فى الحقول والمجالات الأخرى، ولا حل إلا أن تمتد يد جادة وسريعة لسد الثقوب الواسعة فى برميل الزيت.